كانت تلك أولي نقاط ضعف القوات المسلحة القطرية، المتمثلة في قلة القوة البشرية، وتواضع أعداد الأسلحة والمعدات فيها. في حين تتمثل نقطة الضعف الثانية في عدم وجود نظام دفاع جوي متكامل لتأمين قطر ضد أية هجمات جوية معادية، أو ضربات صاروخية أرض-أرض. مما يجعل منشآتها الحيوية والبترولية مكشوفة وغير مؤمنة أمام أية أعمال عدائية من خارج الدولة. كذلك الأمر بالنسبة للقوات البحرية، فبالرغم من كون قطر شبة جزيرة، وتمتد سواحلها لمسافة 563 كيلومترا، إلا أن قواتها البحرية غير مؤهلة للدفاع عن أراضيها أمام أي عدوان من جهة البحر. تخلص من هذا إلي أن القوات المسلحة القطرية غير قادرة علي تأمين أراضيها ومنشآتها النفطية والحيوية ... وهو ما نتج عنه تصنيفها في المركز 90 من بين 126 جيشا نظاميا. حتي أيام قلية ماضية، كانت قطر تعتمد اعتماداً مباشراً وأساسياً علي الحماية الأمريكية، من خلال »قاعدة العديد« الأمريكية الموجودة علي أراضيها، ومن خلال الأسطول الأمريكي الموجود في المنطقة. أما الآن، وبعد ما صرح به الرئيس الأمريكي ترامب من اتهام مباشر لقطر بدعمها للإرهاب، وهوما يتعارض مع هدفه الأساسي من القضاء علي الإرهاب في المنطقة، لم يكن أمام قطر إلا اللجوء لتركياوإيران لطلب الدعم العسكري منهما. وبنظرة أولية علي الأحداث، ستجد أن الدعم التركي لقطر، سيتمثل بداية في إرسال كتيبة أواثنتين من القوات الخاصة التركية؛ مظلات أو صاعقة، بهدف تأمين الدوحة، وتأمين أفراد العائلة المالكة ضد أي أعمال عدائية محتملة. أما من ناحية إيران، فلا أتوقع أن يزيد دعمها العسكري عن ذلك المقدم من تركيا، فلن يتجاوز كتيبتين من الحرس الثوري الإيراني، ستعملان علي تعزيز الأمن الداخلي. أما إذ وصل الأمر إلي طلب قطر دعماً عسكرياً إضافياً، بهدف تأمين حدود الدولة، فلن يتحقق لها ذلك قبل نحو ثلاثة أشهر من الآن، نظراً لما يستغرقه نقل وإنزال الأفراد والمعدات من وقت، إذ سيتطلب تأمين الحدود أن ترسل تركيا، علي الأقل، لواء مدرعاً بأسلحة الدعم من المدفعية، والمشاة والعناصر اللوجيستية، إضافة إلي عناصر من الدفاع الجوي والقوات الجوية لعمليات الإسناد المباشر ... وهو ما لا أستبعد حدوثه خلال الفترة القادمة. أما من ناحية إيران، فلا أتوقع أن يزيد دعمها العسكري لقطر عن مهام التأمين الداخلي، إذ لن تقبل الولاياتالمتحدةالأمريكية بتغيير نقاط التوازن العسكري في منطقة الخليج، خاصة من ناحية إيران، التي قد تعتبر ذلك نقطة وثوب في المستقبل لباقي دول المنطقة. وعلي ذلك فإن جميع الأطراف الآن في حالة ترقب ... تراقب تحركات قطر في تلك اللعبة الخطرة التي اختارتها لنفسها، من حيث اقترابها، سياسياً وعسكرياً، من إيران. وحتي لو بدأت قطر، اليوم، في تطوير قواتها العسكرية، فستحتاج لنحو أربع سنوات لإتمام إجراءات التعاقدات علي أسلحة وأنظمة ومعدات حديثة، قبل أن تصطدم بحقيقة ضعف المكون البشري في قواتها المسلحة. لهذا أقول أن الحسابات، حالياً، من وجهة النظر العسكرية، شديدة الخطورة، وبالغة الحساسية، وتقتضي ألا تكون قرارات دولة قطر قائمة علي تقديرات انفعالية، بل أن تكون هذه القرارات مبنية علي حقيقة محدودية إمكاناتها العسكرية، وعدم قدرتها علي تطويرها في المستقبل القريب مهما أمتلكت من القدرات المادية. وأعتقد أن الصدمة التي يعيشها النظام القطري، حالياً، بعد تحول الموقف الأمريكي، كفيلة بأن تدفعه لإعادة حساباته وتقديراته، كي لا يتخذ قرارات تكون نتائجها كارثية علي مستقبل قطر. وبعد إلقاء الضوء علي الموقف العسكري في قطر، يبقي السؤال ... ماذا بعد؟ ما هي السيناريوهات المستقبلية في المشكلة القطرية؟ يري عدد من المحللين، أن هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة لتطور الموقف الحالي في قطر، أولها، حدوث إنقلاب عائلي داخل العائلة المالكة، ينتج عنه ظهور وجوه جديدة تقبل بشروط التفاوض مع الجانب الآخر. ثانيها، إنقلاب عسكري يطيح بالقيادة الحالية، وهو ما لا أتوقع حدوثه بعد وصول تعزيزات عسكرية من تركياوإيران إلي الدوحة. وثالث هذه السيناريوهات هو نجاح دولة الكويت في الوساطة لبدء التفاوض حول الشروط العشرة التي وضعتها دول مجلس التعاون الخليجي ومصر لإنهاء المشكلة مع قطر.. أما من جهة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر، فالسيناريوهات تتناسب مع الأهداف، ويتمثل السيناريو الأول سياسياً في استمرار الضغط علي قطر في المحافل الدولية عن طريق تجميد عضويتها في جامعة الدول العربية، وتصعيد الأمر إلي الأممالمتحدة ومحكمة العدل الدولية حتي تستجيب قطر للشروط العشرة الموضوعة. ورغم قساوة هذه الشروط علي دولة قطر، إلا أنها تتناسب مع ما مثلته سياستها ونهجها من تهديد لأمن العديد من الدول العربية. وهنا يبرز دور المفاوض الكويتي في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المعنية، ولكن علي أساس التزام قطر بالشروط الموضوعة، وليس كما حدث في مواقف سابقة، عند موافقتها، ثم تراجعها وإخلالها بتنفيذ الاتفاقات. وقد قامت قطر، مؤخراً، بعدد من الزيارات الخارجية إلي بعض البلدان الإفريقية، محاولة التقرب لها، لإيجاد مناخ مؤيد لسياساتها، حتي جاء اجتماع رؤساء أركان الجيوش القطرية، والتركية، والسودانية، الذي عقد في السودان، مؤخراً، عقب إعلان الرئيس البشير تسليم «جزيرة سواكن» السودانية، في البحر الأحمر، لتركيا، ليؤكد رغبة قطر في التواجد العسكري في المنطقة. إلا أن هذا التحليل المبسط، النابع من دراسات دقيقة عن الوضع العسكري القطري، يؤكد أنها غير قادرة علي تنفيذ أي عمليات عسكرية، ولو علي نطاق محدود، في أي مكان، ولكنها تستغل عدم دراية الشعوب بقيمتها العسكرية المحدودة، لتحاول تصوير قوتها العسكرية بأكبر من حقيقتها، ليكون لها دور مؤثر في المنطقة. المراجع: •Military Balance, International Institute for Strategic Studies (IISS) •2017 World Military Strength کankings, Global Fire Power (GFP) Email: [email protected]