ربما لا يخلو ذهن مواطن مصري من أسئلة تشغلنا جميعا: ماذا بعد ؟ ماذا بعد نجاح ثورة يناير؟ ماذا بعد محاسبة الفاسدين؟ ماذا بعد تعديل الدستور؟ ماذا بعد حرية تكوين الأحزاب؟ صورة المستقبل تشغل بال الجميع حتي الآن نحن في حالة انتظار لا نستطيع إدراك ما سيحدث سجلنا أنفسنا في الحاضر ولم ننظر بعد بعمق في المستقبل. انطلقت ساعة الشعب المصري الموعودة في يناير ويزداد التفاؤل يوما بعد يوم بتحقيق الثورة طموحات وأحلام الشعب لكن لا أحد يمكنه أن يزعم علمه بالغد الجرأة التي قامت بها الثورة يخشي أن تتحول إلي اجتراء من الجميع علي الجميع المواقع الالكترونية علي الانترنت تذخر بالعديد والعديد من المواقف والاتجاهات المختلفة وسائل الإعلام بكافة أشكالها مطبوعة ومرئية تحشو رؤوس المواطنين بمفاهيم لا تساعد علي الفهم الصحيح للأمور. ما حدث في ستاد القاهرة خلال مباراة لكرة القدم مؤشر علي ما يحدث فالفوضي هي الشكل العام الذي يبدو عليه المجتمع في الشارع تسيطر عليه الفوضي لا قواعد للمرور الإشغالات لا يمكن السيطرة عليها الناس متحفزة لبعضها شباب الثورة متحفز للحكومة وللمجلس الأعلي للقوات المسلحة تنبيهات وإنذارات موجهة إن لم تفعلوا كذا فسوف نفعل كذا الحكومة نفسها مرتبكة وبعد أن كانت مرضيا عنها لأن ميدان التحرير هو الذي أتي بها أصبحت محل عدم رضا لأنها لا تحقق مطالب الثوار. المجلس الأعلي للقوات المسلحة بدأ يواجه انتقادات من الجميع علي صفحات الصحف وفي القنوات الفضائية وأري أن هذا أمر لا يجب أن يكون فهو اجتراء علي الحصن الأخير للمهابة والكرامة وجس النبض تجاهه أمر مرفوض فقد كان انحياز الجيش الواضح والسريع والحازم إلي جماهير الشعب في ثورتها أمرا حاسما لصالح انتصار الثورة وهو من البداية يرفض المساس بالثوار لذلك علي المهيجين أن يبتعدوا بأقلامهم غير البريئة عن الجيش فهو حصننا الأخير وعلي الجميع بمن فيهم شباب الثورة أن يحافظوا علي هذه المكانة وإلا ماذا يبقي لنا. جاءت هذه الحكومة بموافقة ميدان التحرير لدرجة أن الحشود طلبت من عصام شرف أداء اليمين الدستورية في الميدان وهو أمر فيه شطط ولكن الاتجاه الآن لدي البعض المطالبة بتغيير هذه الحكومة المرتبكة فليكن لأن تغيير الحكومة ممكن إنما هل نغير الجيش ؟ لقد قام الجيش بكل واجباته تجاه مطالب الشعب وعدل الدستور وحدد الإطار العام للانتخابات البرلمانية والرئاسية وأصدر قانون الأحزاب وغير ذلك فما المطلوب فوق ذلك ؟. ندرك أن المبادئ الثورية ينشأ عنها إيمان جديد بمثل جديدة فالجميع يعتقد أنه علي حق وأن نصرة هذا الحق إنما لصالح البشر وما يحدث في الثورة المصرية ليس غريبا علي الثورات . لقد كان رد الفعل علي نتيجة الاستفتاء علي التعديلات الدستورية مؤشرا علي أن بعض القوي تنتهز الفرصة وترفض أي مناقشة أو اعتراض علي رأيها وهو ما يبشر بوجود نفس العقائد القديمة التي قامت الثورة لتقضي عليها وهي عقائد القوة الطغيانية والمتسلطة لقد بررت هذه القوي رفضها التعديلات وإجراء الانتخابات البرلمانية في فترة زمنية قريبة بأن قوي الثورة مازالت لم تعد نفسها وهي التي يجب أن تشارك في الحكم وهذه القوي إنما هي تتحدث نيابة عن شباب الثورة بدون وجه حق. لذلك علي شباب الثورة سرعة تشكيل حزب سياسي يكون طليعتها ولديه الرؤية لتحقيق صالح الوطن وعلي هذا الحزب ألا يسمح بسرقة الثورة وفي نفس الوقت عليه أن يثق في أن الجماهير صاحبة المصلحة في قيام الثورة هي التي ستسانده وإلا فإن الجماهير لو وجدت أن الثورة ليست إلا حمية مؤقتة لا تحقق ما حلمت به فإنها ستنصرف عن هذا الحزب. لقد تحققت ثورة مصر في لحظة تفجرت فيها طاقات الشعب وتحققت بجرأة وصلابة الجماهير لذلك لدينا التفاؤل بتحقيق الثورة طموحات الشعب وتفاؤلنا يرتكز علي حقائق التاريخ التي تؤكد حتمية حصول الطبقات العريضة والتي تمثل الأغلبية الشعبية علي حقوقها كما نتفاءل إيمانا بقوة الشعب التي لا ينضب معينها.