كل التقارير الصحفية وكافة التحليلات السياسية تؤكد ان مصر في مفترق الطرق، فبين الخوف شبه المعلن من تولي الجماعات الاسلامية شئون البلاد وانتشار الفكر السلفي، وبين الامال المعلقة بان تخرج مصر من وسط هذا المخاض السياسي كدولة ديموقراطية، يأتي الاعلان الدستوري الاخير ونتائج الاستفتاء لتطرح اسئلة تساهم اجاباتها في تحديد مستقبل مصر. المؤسسة الاوروبية للديموقراطية التي قارنت بين نسبة اقبال الشعب في مصر والعراق وتركيا للتصويت علي التعديلات الدستورية والانتخابات اشارت الي ان نسبة المشاركة في اول انتخابات حرة يشهدها العراق عام 2005 كانت 79.6٪ اما نسبة المشاركة في التصويت علي التعديلات الدستورية في تركيا فكانت 77٪ اما في مصر فكانت 41.9 ٪ فقط. ومن خلال هذه الارقام تسأل المؤسسة، هل كانت نسبة المشاركة بسبب قلة المعلومات ؟ ام لان البعض لم يري في هذه التعديلات اختبارا حقيقيا؟ ام بسبب الامية؟. الاسئلة التي تطرحها المؤسسة وتدل عليها هذه الارقام تثير التساؤل حول مدي وعي الشارع بالحراك السياسي الذي تشهده البلاد ومدي نسبة المشاركة المتوقعة في الانتخابات القادمة وما الكتل التي من المتوقع ان تحشد نفسها من اجل الانتخابات القادمة سواء كانت رئاسية او برلمانية؟. وبغض النظر عن نتيجة الاستفتاء التي جاءت بقبول التعديلات فان تقرير اخباري نشرته صحيفة بوسطن جلوب يبرز تخوف البعض من تبعات الاعلان الدستوري فيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية واللجنة التي سيتم اختيارها لاعداد الدستور الجديد وكيف ان جماعة الاخوان المسلمين يمكن ان تسيطر علي البرلمان القادم ومصير القوي السياسية في مصر سواء السابقة او التي خرجت من رحم ميدان التحرير. وتلفت الصحيفة الي ان تونس تلافت الخطأ الذي وقعت فيه مصر،وهو ترك الحزب الوطني الديمقراطي "الحزب الحاكم سابقا". وتؤكد الصحيفة ان تونس ايضا قامت بتشكيل لجنة لاعداد دستور جديد ومن ثم اجراء انتخابات وهو ما كان يجب ان تقوم به مصر. ويشير التقرير ايضا ان غياب الحوار بين الدول العربية حتي في الازمات الحالية هو ما جعل مصر لا تتعلم الدرس التونسي، كما حذر من انه اذا لم تتعلم مصر من اخطائها في القريب العاجل فان الامر قد يؤدي بها للرجوع ثانية في احضان "الحرس القديم". التحليل السابق يتفق مع تحليل اخباري اخر نشرته رويترز استطلعت من خلاله اراء العديد من ممثلي القوي السياسية المختلفة في مصر الذين ابدا تخوفهم من ان الثورة في مصر تحولت من ثورة تغيير الي ثورة اصلاح وان الثورة لم تحقق سوي 10٪ فقط من اهدافها. ويؤكد التقرير ان الثورة في مصر بما لها من مكانة تاريخية سيكون لها اثر كبير علي المنطقة العربية، وانه اذا الت الامور في مصر الي الاستقرار فان ثورات العالم العربي ستكلل بالنجاح هي الاخري. الايام المقبلة طبقا لجريدة واشنطن بوست يمكن ان يجد فيها كل شخص المشهد الذي يتراءي مع اهوائه واتجاهاته. فمن يريد ان يري الامل فيمكن له ان ينظر الي النشاط السياسي في الشارع ورغبة الشباب في المشاركة، ومن يرغب في رؤية سيناريوهات قد تكون مخيفة بالنسبة للبعض ينظر لاحتمالية تولي الاخوان للحكم والتحكم في الشارع المصري. ونختلف مع هذه الرؤي او نتفق معها يجب الاعتراف بان مصلحة مصر تاتي فوق كل اعتبار وان المعارك حاليا تكون من اجل الديموقراطية والحرية والحق واي شيء اخر ياتي لاحقا،ولكن في نفس الوقت يجب الاشارة الي امر هام جدا...المعركة لا تزال في بدايتها.