»كتبت هذا الكتاب لأنني أخاف من تزييف التاريخ، وأحب أن يقرأ أبنائي ما حدث كما حكاه والدهم الذي هو أكثر صدقا عندهم من أي تاريخ«. هكذا بدأ محمد فتحي حديثه معنا بعد صدور كتابه الجديد »كان فيه مرة ثورة« عن دار أكتب. يقول محمد: »التاريخ الذي درسناه في مدارسنا اكتشفنا أن معظمه تاريخ زائف، ومزيفي التاريخ في كل عصر هم من أخشي عليهم من الثورة في المستقبل«. يبدأ كتاب »كان فيه مرة ثورة« بقصيدة رفض فتحي أن يعتبرها كذلك، ويحيي فيها الكاتب أسماء الشهداء ويؤكد أنهم باقون للأبد »لا أصنف المقدمة كشعر حقيقي لأنني لست شاعرا.. من الممكن أن أسميها مشاعر خرجت في صورة كلمات مقفاة لكنها حتما ليست موزونة، وكتبت فيها أسماء الشهداء لأنني أحب أن يكونوا قدوة لأبنائي وأن يحفظوا اسماءهم جيدا ولا ينسوهم كرمز لكل من وقف أمام الظلم ولم يخف منه أبدا ودفع حياته من أجل مستقبلهم«. لغة المقال الأول الذي يحمل اسمه الكتاب كانت هي اللغة العامية التي يقول فتحي إنها الأنسب لحكي ماحدث. »فضلت أن أحكي كل ما رأيناه في عصر مبارك الذي عشت فيه بالكامل في صورة حدوتة يقرأها أطفالي، ويمكن للقراء أن يقرؤوها لأبنائهم، واخترت اللغة العامية لأنها الأنسب والأسهل في حكي الحواديت للصغار، وفي هذا الفصل حكيت عن الفساد والظلم الذي عشناه في النظام السابق«. فتحي الكاتب الساخر الذي صدرت له من قبل »مصر من البلكونة« و»دمار يامصر« و»مصر وخلاص« يرفض تصنيفه ككاتب ساخر ويؤكد أن كان فيه مرة ثورة« ملاحظات ومشاهدات وخواطر لشاب عايش الثورة عن قرب. »المعيار الوحيد للكتابة عندي هو الكتابة الجيدة في مقابل الكتابة الرديئة، وللأسف الشديد لا يزال البعض يتعامل معي ككاتب ساخر - مع تقديري الكبير للكتابة الساخرة - علي الرغم من فوزي بجائزة ساويرس الأولي في القصة القصيرة«. فتحي كتب كتابه أثناء الثورة، ورصد فيه أهم الهتافات واللافتات والمطالب التي رفعها شباب التحرير، مؤكدا أن هذه الثورة استخدمت السخرية كسلاح فتاك ضد النظام السابق الذي كان رموزه سيقضون بقية حياتهم مثل الأراجوزات علي حد قوله بعد ما فعله بهم شباب ميدان التحرير. ، كما يتحدث الكتاب عن أسطورة الراجل اللي واقف ورا عمر سليمان« التي يؤكد فتحي أنها مثال حي علي عبقرية الشعب المصري الذي تجاوز مقدمة الصورة التي لم تعجبه وركز في خلفياتها. ويرد فتحي علي بعض الادعاءات والاتهامات لشباب الثورة في فصل بعنوان »اللي يقول لك. قل له«، ويضع في كتابه دليل الحاكم الغبي« الذي يصف من خلاله كل الحكام الذين لا يسمعون مطالب شعوبهم بالغباء الشديد. فتحي كشف كذلك عن تعاقده مع دار نشر فرنسية لتقديم كتاب آخر عن الثورة يرصد شهادات المشاركين فيها ويصدر قريبا.