من المهم أن يعرف أطفال اليوم والذين سيولدون في المستقبل لماذا قامت ثورة «25 يناير»، فنحن نعيش مرحلة مفصلية في التاريخ المصري المعاصر لابد من رصدها بجميع الأشكال، كان في مرة ثورة» أحد أحدث الكتب عن الثورة للكاتب محمد فتحي والصادر عن دار اكتب، يحاول فيه عرض وتقديم الثورة لطفليه «عمر» و«تقي» بأساليب مختلفة بدأها بنقل خبري ليوميات الثورة، ثم قدم في الفصل الثاني حدوتة تحكي كل نظام مبارك الذي أدي لقيام الثورة، منتهياً بمقالات ساخرة بعناوين مختلفة مثل «خطة العبط الاستراتيجي» و«اللي يقول لك.. قول له».. إهداء إلي الله كان جديداً تماماً هل نعتبر أن ما حدث بالميدان كان ترتيباً قدرياً أكثر منه تنظيماً فكرياً؟ الحقيقة نعم كما أنني رأيت الله في الميدان في أخلاقيات ناس كثيرين وتصاريف قدرية عديدة رأيتها وسمعتها من منظمي الثورة فلم نكن واثقين من أن يتنحي مبارك فعلا، لكن إهدائي لإحساسي بحضور الله. لقد كتبت أول «status» علي «الفيس بوك» بعد التنحي أن الله صدق وعده «إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم» فيا كل اتباع الرئيس هل وجدتم ما وعدكم الرئيس وابنه حقا فأتصور أن الثوار كان لديهم إيمان مطلق بالله ومن هم ضد الثورة كان لديهم إيمان بالرئيس إذن لم يكن هناك تكافؤ. جاء مفتتح كتابك شعراً تؤكد به إهداءك الإلهي وتمجد فيه شهداء «25 يناير» لماذا استخدام الشعر ؟ لا اعتبره شعرًا لكنني أستطيع أن أقول إنه خواطر، فالنصف الثاني كان أسماء الشهداء التي أردت أن أحفظها لأبنائي، لذلك كتبت بقالب القافية أو الإيقاع هو المناسب ليكون سهل الحفظ. بعد ذلك قدمت الشكر لكل داعمي الثورة لماذا هذه التقسيمات؟ لأن الثورة لم تكن في يوم وليلة بل هي حاصل مجهود الكثيرين في عدة مجالات فإبراهيم عيسي والأسواني كتاباتهما كانت لها عظيم الأثر كما أن هذه الثورة ليست شباباً فقط بل هي شعب بأكمله. فكان لي صديق يزور القهاوي الشعبية المختلفة بمدينة الشيخ زايد ليحكي لروادها عن «خالد سعيد» وما حدث له، فهؤلاء لا يجيدون استخدام الكمبيوتر ولا الفيس بوك. بدأت بيوميات الثورة بأسلوب المقالات أو الأخبار كمراسل للثورة، لماذا؟ يوميات الثورة كان لابد أن أكتبها بهذه الطريقة لتكون نقلاً حيًا لما كان يحدث دون استعراض لوجهة نظري فما أقدمه هو حقائق وللتاريخ الذي سيكتب من جديد والذي لابد من رصده من الآن. استخدمت أسلوب الحكاية واللغة العامية وعملت إسقاطاً علي نفسك كنموذج لجيل الثمانينيات، فلماذا هذه اللغة؟ أنا كنت وسيلة من أجل غاية رصد عصر مبارك فأنا مواليد 80 والرئيس مبارك تولي 81 حتي أنني قلت إنه أقسم اليمين قبل أن أفطم، أيضًا من المهم أن يعرفوا كل ما حدث بأمانة حتي يفهموا لماذا قامت الثورة، أحب أن أقول إن الكتاب كان بداية «حتي يعرف عمر وتقي» ولكنه تغير إلي «كان فيه مرة ثورة» ليكون للجميع. ولقد بدأت هذه الكتابة يوم «موقعة الجمل» فلما لم أستطع النزول حماية لأمي وأبي من البلطجية في المنطقة، شعرت بأنني جبان ولابد من أن أفعل شيئًا حقيقيًا. كما انتقدت السلبيات اهتممت بانتقاد الإيجابيات أيضاً رغم أن بعضها كان له أثر طيب كمشروع القراءة للجميع؟ حتي أرصد النقط البيضاء علي الثوب الأسود للنظام المصري السابق والتي كانت قليلة جدًا والتي لم تكن تصنع إلا من أجل صانعها ليس إلا! أيضًا فكرة حماية مصر من حروب هي خدعة كبري لأنه لم يواجه حقا حرباً حتي يكفينا شرها. هل في استعراضك لكل هذه المشكلات والتي أدت إلي قيام القوة استعنت بالأرشيف الصحفي أم ماذا؟! نهائي كل ما استعنت به كان ذاكرتي فهو كتاب انطباعي جدًا. لأنك كاتب ساخر في الأساس اختتمت كتابك بمقالات ساخرة. فما الذي حاولت السخرية منه خلال الأحداث؟ هذه الثورة هي أكثر ثورات العالم سخرية، اعتمادًا علي الحس الساخر والكوميديا و«الإفيه» فنابليون حين كان يدخل في مفاوضات كان لديه شرط وهو أن تتم معاملة رسامي الكاريكاتير معاملة المجرمين لأنه كان يقدم بأشكال ساخرة جدا وهزلية؟ فالثورة كانت تسخر من الرئيس السابق بشكل لاذع ولا يحتمل وأعتقد لو أنه كان استمر أكثر كان سيكون تناوله أسوأ بكثير؟ لماذا توقعت انتقادات ستوجه لك واتهاماً بركوب الموجة؟ لأن كتابي هذا هو رصد لمرحلة انتهت عند تنحي الرئيس ليس إلا فلو أنني أركب الموجة لكنت أصدرت مئات الكتب؟ فمن الشفافية أن أقدم للقارئ حقيقة واقعة دون التعالي عليه وكأنني أتفلسف عليه. كيف تري التغير الحادث في مسار الثورة الآن؟ فتش عن أمن الدولة فالأقباط مثلا خرجوا في مظاهرة أمام ماسبيرو وتم حل مطالبهم في نفس الوقت، لكن لماذا استمرت وارتفع سقف المطالب اضافة إلي المظاهرات السلفية اليوم بالتحرير للمطالبة بكاميليا شحاتة، فلماذا هذه المظاهرات الطائفية الآن! ففي كل الأعمال القذرة فتشوا عن أمن الدولة؟ من صاحب المظاهرة عند دار القضاء للإفراج عن أبنائهم من أصحاب القضايا الجنائية، من الذي شكك في قدرة الجيش علي حماية المدنيين. في رأيك ما هي الخطوات الواجبة لنعبر المرحلة الانتقالية بسلام؟ - تغيير الدستور كاملا وتأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية لحين تغييره، إعادة هيكلة جهاز الشرطة كاملا بدءا من رتبة النقيب حتي رتبة اللواء والذين تلوثوا بفكر العادلي فأنا مندهش أن الشرطة الآن لديهما فرصة ذهبية أن يكونوا أبطالا لو تضامنوا مع الشعب وحموه فلماذا لم ينزلوا حتي الآن، فأناشد العيسوي استغلال هذه الفرصة لإعادة جهاز الشرطة لما يجب أن يكون عليه وتحسين صورتهم القديمة. هناك ثلاثة مشروعات لابد من الاستفادة منها أولا مشروع البرادعي السياسي ومشروع زويل العلمي ومشروع الباز التنموي ومشروع الدكتور محمد غنيم الصحي؟ وأتمني أن يعمل كل في مجاله فهذه هي في ظني أركان المشروع القومي الذي نحتاجه الآن. هل تري أنه سيكون هناك خط جديد ومختلف في كتابة ما بعد الثورة؟ البطل المهمش في كتابات ما قبل الثورة سيكون بطل انتصار فالجميع شارك في التحرير، فالتغيير سيكون في البنية وستظهر العديد من الروايات عن الثورة وأعتقد أن الثورة هي انتصار مبكر لجيل كامل من الأدباء، وتمثل الأيام الأخيرة لكتاب الستينيات الذين بدأ بريقهم يخفت لأنهم هم من روجوا لمفهوم البطل المهزوم وما لم يحققه التاريخ، لكن باستثناء بهاء طاهر وإبراهيم عبدالمجيد ومحمد المنسي قنديل طبعا. وماذا عن تعاقدك مع دار النشر الفرنسية؟ هذه الدار تقوم بعمل كتاب شهادات عن الثورة وسألوا الدكتور علاء الأسواني عن من يستطيع عمل هذا الكتاب فرشحني لهم، وسيكتب الكتاب بطريقة الحكي الصحفي بصيغة الشهادات، وستتم ترجمته للفرنسية وتصدر منه طبعات عربية، في العديد من الدول العربية خاصة تلك التي حدثت بها ثورات.