تحدثنا في المقالة السابقة عن مبدأين في الحياة الإنسانية تجلَّيا في قصة "بائعة المناديل": أن الخير لا يجلُِب إلا الخير، وحين يقدم الإنسان ما لديه بأمانة وبساطة تتحول الأمور جميعها إلي خيره. هذا ما حدث مع »سارة» التي تعمل نادلة في أحد المطاعم حين قدمت قائمة الطعام لسيدتين، فطلبتا منها أن تحضر إليهما أرخص طبقين! فليس لديهما مال كافٍ بسبب عدم تحصلهما علي راتبيهما نحو عدة أشهر لظروف مالية عَسِرة تمر بالشركة التي تعملان بها. أحضرت »سارة» الطعام. وعندما طلبت السيدتان الفاتورة قدمت لهما »سارة» ورقة جاء بها: »دفعتُ فاتورتكما من حسابي الشخصيّ مراعاةً لظروفكما؛ هذا أقل شيء أقوم به تجاهكما. شكرًا للطفكما.»!! ثم ذيّلت كلماتها بتوقيع اسمها. قدمت »سارة» كبائعة المناديل ما لديها علي الرغم من أنها تمر بظروف مادية عَسِرة، تحاول ادخار القليل من أجل شراء جهاز تِلفاز، وإقدامها علي ذلك الموقف يعني مزيداً من الانتظار والتأجيل!! وهذا ما عبّرت عنه صديقتها عندما اعتبرت ما فعلته تصرفًا أهوج غير مسئول، إذ تقدم لآخرين مالاً هي وطفلها في حاجة ماسة إليه!! غير أن »سارة» سرعان ما تلقت اتصالاً من والدتها تخبرها أنها شديدة الفخر بها وبما فعلته، وبينما »سارة» في دهشة، استطردت الأم قائلة: إن ما فعلتِهِ مع السيدتين قد انتشر علي مواقع التواصل الاجتماعيّ بعد أن نشرتا رسالتكِ؛ ليتناقلها كثيرون مشيدين بموقفك! لم تنتهِ القصة عند ذلك الأمر إذ وجدت »سارة» رسائل كثيرة من منتجين ومراسلي صحف؛ فتَضحَي ضيفة أكثر البرامج شهرة، وتحصل علي تِلفاز، وعشَرة آلاف دولار، وقسيمة شراء بخمسة آلاف دولار، وهدايا تخطت مائة ألف دولار، تقديرًا لسلوكها الإنسانيّ العظيم!!! مبدأ آخر: لا تتوقف في عطائك متعللاً أنه لن يفيد! فأنت لا تُدرك كم يؤثر عطاؤك في حياة غيرك! في كثير من الأحيان لا يوجد لدينا حلول لمشكلات يصادفها آخرون نرغب في رفع العناء عنهم، لكن بأشياء بسيطة لدينا نساعدهم في اجتياز آلامهم.