الدعوات الأخيرة التي أطلقها الرئيس التونسي قايد السبسي عن المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث وإطلاق الحرية للمرأة التونسية المسلمة في أن تتزوج من غير المسلم رغم تعارضها الواضح ومخالفتها لتعاليم الدين الإسلامي لا تعد غريبة علي المجتمع التونسي فتلك الدعوات والمطالبات موجودة منذ زمن بعيد أيام الاحتلال الفرنسي لدول شمال افريقيا وبالتحديد المغرب العربي وقد ترك الاستعمار الفرنسي بصمته الواضحة في المجتمع التونسي حتي جعله مسخا ثقافيا لا هو حافظ علي لغته العربية وتراثه الثقافي الذي يحمي غالبا معتقداته الدينية الاصيلة ولا تحول ذلك المجتمع إلي الاتجاه الفرنسي الأوروبي المتحرر ولذلك ليس غريبا أن تخرج تلك الدعوات الشاذة فكرياً من شخصية تمثل رأس الدولة ليداعب ناخبيه ولو علي حساب موروث ديني وثقافي هو من أهم أعمدة اقامة المجتمع والدولة أيا كان توجهه سواء كان إسلامياً أم غير ذلك. في مثل هذا المناخ من الضياع والتخبط الثقافي والمجتمعي لانستغرب أن تخرج في المقابل التيارات والأفكار الهدامة والمتطرفة التي تستند إلي الدين وتختزله في أفكار متطرفة تنحو به بعيداً عن وسطيته وتسامحه لتأخذه إلي التطرف الذي يصل إلي حد الإرهاب والتكفير كرد فعل لتلك الافكار والدعوات فكلاهما متطرف كل في اتجاهه ويضيع بينهما وللأسف الشديد الفكر الصحيح والسوي والمنهج الديني المعتدل المتسامح الذي هو أصل جميع الأديان وبهذه الطريقة يكون ما دعا إليه الرئيس التونسي لا يقل عن الذي يدعو إليه الفكر الداعشي الإرهابي الذي يدعو للقتل والتكفير.. لقد سقط الرئيس التونسي في هذه الزلة وهو الذي من المفروض انه يتمتع بخبرة طويلة في معترك السياسة فأوجد شرخاً مجتمعيا مرشحاً للاتساع.