من ثمار ثورتنا المجيدة أنها أثبتت خطأ من ذهب إلي ابعاد نقابة الصحفيين عن أحداث بلدنا، ليقتصر دورها فقط علي تقديم الخدمات إلي الصحفيين، وبلاش الاحتجاجات علي السلالم والمؤتمرات السياسية الحاشدة داخل نقابتنا والتي تؤدي إلي تعطيل مصالح الزملاء، وغضب الحكومة التي تعمل دوما علي دعم النقابة!! والحقيقة أنني عانيت من هذا الرأي طويلا خاصة ان لهم صوتا عاليا وأعرف أصحابه وأحترمهم، وبعضهم أعتز بمودتهم وصداقتهم، لكنني اختلف معهم دوما قائلا: ولماذا لا نجمع بين الحسنيين يا جماعة؟ أقصد خدمة الصحفيين والعمل السياسي المحترم معا! وأعرض علي حضرتك وجهة نظري لتحكم عليها بضميرك الحي بالعدل والقسطاس.. وفي يقيني ان مهمة عضو مجلس نقابة الصحفيين المنتخب تتمثل أولا وقبل كل شيء في خدمة زملائه خدمة شاملة! فمثلا واحد زي كاتب هذه السطور مسئول عن لجنة الحريات، فهل يعقل ان تقتصر خدمتي للصحفيين علي تلك اللجنة فقط؟ الاجابة بالطبع لا.. وذلك لعدة أسباب أولها أنني عضو بمجلس نقابة يمثل جموع الصحفيين وليست جزيرة منفصلة أو عالما قائما بذاته!! والسبب الثاني والأهم أن مفيش أجمل من خدمة الناس عندما تسعي إلي قضاء مصالحهم، وتقف إلي جانبهم في مصاعبهم وأفراحهم، وتكون صديقا حقيقيا لهم.. انه شعور إنساني جميل وحلو وراق خاصة اذا لم تميز بين إنسان وآخر حتي ولو اختلفا معه تماما في مواقفه، لكنه في النهاية زميلك في النقابة وعليك أن تخدم الجميع. ومن هذا المنطلق انتقل بك إلي العمل السياسي في نقابتنا، وأول ما يلاحظ ان العضو المنتخب من قبل الصحفيين عليه أن يخلع رداءه السياسي ويكون نقابيا فقط سواء في تواصله مع زملائه أو في التعبير عن قضايا الوطن. والاحتجاجات السياسية في نقابتنا غلب عليها الطابع القومي وكان أبرز من ترددوا علينا خلال السنوات الماضية فئات عدة من الشعب يجمعها ظلم واقع عليهم مثل عمال وموظفين تعرضوا للاضطهاد، أو يبحثون عن حقوقهم دون جدوي، وسكان مناطق عشوائية لا يجدون مأوي، وطلاب يشكون من البطش البوليسي وتزوير الانتخابات بالجامعات، وأسر سجناء رأي موجودين داخل السجون صدرت ضد ذويهم أحكام جائرة من محاكم عسكرية غير مختصة، بالاضافة إلي اهتمام نقابة الصحفيين بالقضايا العربية القومية خاصة فلسطين والعراق، وعملت لجنة الحريات دوما علي رفض القوانين الاستثنائية وتصدت لها وفتحت باب النقابة لقوي التغيير الجديدة التي جرت علي مجتمعنا، واحتضنها منذ أول لحظة باعتبارها نقابة الرأي والفكر مثل الحركات الشبابية.. شباب 6 ابريل وشباب العدل والحرية ومن قبل ذلك حركة كفاية وغير ذلك من القوي الوطنية التي احتضنتها نقابتنا، وكان لها بذلك دور كبير وشرف عظيم في التمهيد لثورتنا العظيمة، فهل يعقل بعد ذلك أن يقال ان علي نقابتنا الابتعاد عن السياسة والتركيز علي مجال الخدمات فقط؟؟ مش معقول طبعا؟