ثلاثة أسباب تدفع للتظاهر على سلالم النقابة التظاهر على سلالم النقابة نقيب الصحفيين مكرم محمد أحمد فاجأ الرأي العام بفرمان أصدره بمنع الاحتجاج علي سلالم نقابة الصحفيين إلا مرة واحدة في الأسبوع فقط وبشرط أن يكون بعد الساعة الخامسة! فإذا حضرتك تظاهرت الساعة الرابعة والنصف مثلاً تبقي مخالفًا وتستحق غضب النقيب عليك!! والحجة الظاهرة «للأوامر المكرمية» نسبة إلي صاحبها تأجير أدوار النقابة الخالية بحيث تدر ربحًا يعود في النهاية بالمنفعة علي الصحفيين. وفي الرد علي ذلك يشهد الغالبية العظمي من زملائي أعضاء مجلس النقابة أنه لم تكن هناك أي محاولة جادة في هذا الصدد، يعني لم يظهر في الأفق واحد مستثمر ابن حلال، وقبل أن يتم الاتفاق معه زاغ بعدما اشتكي من سلالم النقابة! فهي حجة ظاهرها مصالح الصحفيين، لكن باطنها عزل نقابتنا عن قلب مصر لتكتفي بهمومها ولا تشغل نفسها بما يجري في الوطن، وأبوابها مغلقة في وجه أفكار التغيير، وهكذا تلحق برفاقها في ذات الشارع الذي نجحت الحكومة في السيطرة عليها وهما نقابة المحامين ونادي القضاة. أنا مذنب يا بيه وأحب أن أطمئن نقيب الصحفيين علي سلالم النقابة، فهي ستظل شامخة تؤدي دورها كاملاً في الدفاع عن الصحفيين من ناحية والتعبير عن ضمير مصر من ناحية أخري. وقبل شرح وجهة نظري أقر وأعترف أنا محمد عبدالقدوس إحسان عبدالقدوس وهذا هو اسمي كاملاً أنني مسئول عن 99% مما يجري علي سلالم النقابة.. مذنب يا بيه في تلك التهمة التي أعتبرها وسام شرف. وقد تفهم حضرتك من كلامي أنني من هواة الشغب والاحتجاج والتظاهر، وهذا ليس صحيحاً أبداً.. فالاحتجاجات في نقابتنا لا تكون إلا للضرورة، ويمكن تقسيمها إلي أقسام ثلاثة: القسم الأول يتعلق بالصحفيين الذين وقع عليهم ظلم، ولا يمكن أن تمنعهم من الوقوف علي السلالم إلا كل أسبوع مرة وخلي بالك كمان من الساعة الخامسة!! من حقهم أن يحتجوا في أي وقت صباحاً ومساء! وموعد الساعة الواحدة ظهراً في عز الزحمة هو مناسب للاحتجاج.. من أجل لفت الأنظار، ويا سلام لو كان مع خروج الموظفين الثانية أو الثالثة ظهراً يبقي أفضل وأحسن! وهذا ما كان يفعله أصدقائي بجريدة الشعب عندما كانوا معتصمين بنقابتنا، فلم يكفوا عن التظاهر في كل الأوقات حتي نالوا مطالبهم وصدق من قال: «وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلاباً». وبمناسبة ذكر جريدة الشعب أتذكر بكل خير رئيس تحريرها السابق سجين الرأي مجدي أحمد حسين الذي لم يذهب نقيب الصحفيين لزيارته ولا مرة حتي الآن!! فمن حق أنصاره التظاهر في كل وقت للمطالبة بإطلاق سراحه وإعلان تضامنهم معه. وصديقي العزيز الدكتور عبدالحليم قنديل تعرض قبل بضع سنوات لاعتداء وحشي من جهات أمنية! وفي التو واللحظة تظاهرنا من أجله علي السلالم، وغير معقول أن نقول لزميل صحفي تعرض لاعتداء أو مشاكل: «استني علينا أسبوع حتي نحتج من أجلك، احتراماً لفرمان أستاذنا مكرم محمد أحمد! وتنفيذاً لتعليماته ستكون المظاهرة ليلية لأنه سيزعل جداً إذا قمنا بمناصرتك قبل الساعة خامسة»!! وأنتقل مع حضرة القارئ إلي القسم الثاني من الاحتجاجات ويتعلق بالناس الغلابة الذين وقع عليهم ظلم، ويأتون إلي نقابة الرأي والفكر لشرح ما لحق بهم من مصائب وكوارث!! فهل يمكن أن نغلق أبواب نقابتنا في وجوههم بحجة أن هناك قرارًا من نقيب الصحفيين بمنع الوقوف علي سلالم النقابة إلا مرة واحدة فقط وممنوع أن تكون بالنهار بل يجب أن تكون بعد المغرب، وإذا كانت بعد العشاء يبقي أفضل!! وقد تسألني سؤالاً منطقياً قائلاً: ليه يا عمنا تصر علي وقوف أصحابك المسحوقين والمطحونين علي السلالم؟ لماذا لا تعقد لهم مؤتمراً في الدور الرابع بالنقابة، وفيها قاعة مؤتمرات محترمة؟ وردي يتمثل في كلمة واحدة اسمها «ياريت»، لكن نقيب الصحفيين لا يتحمس أبداً لاستضافة أصحاب الجلاليب والناس اللي تحت في نقابتنا! ويؤيده في ذلك للأسف عدد من الصحفيين من أصحاب «المزاج الرايق» الذين يزعجهم ذلك!! مع أن الغالبية العظمي من أصحاب الأقلام ينتمون إلي البسطاء من الشعب الذين يأتون إلي نقابتنا للمطالبة برفع الظلم عنهم، ولا يمكن أن توصد أبواب النقابة دونهم! فإذا تم منعهم كانت السلالم مكانهم الطبيعي، ولمعلوماتك رفض مكرم محمد أحمد مؤخراً تضامن لجنة الحريات مع عمال شركة طنطا للكتان الذين كانوا معتصمين أمام مجلس الوزراء، وكذلك رفض استضافة فلاحين جاءوا من قرية «المريس» بالأقصر المهددة بالإزالة وطرد الأهالي من مساكنهم لإقامة منتجع سياحي علي تلك المنطقة التي تتكون من 500 فدان من أجود الأراضي الزراعية، ويبلغ عدد السكان المهددين 12 ألف نسمة. ما الذي جري للقوي الوطنية؟ وأنتقل إلي القسم الثالث من الاحتجاجات ونقابة الصحفيين لها دور رائد في قلب الحركة الوطنية، وظهر ذلك واضحاً في كل المواقف، خاصة في العدوان الإسرائيلي علي غزة ولبنان، وفي الداخل الاحتجاج علي التعديلات الدستورية، والاعتقالات ضد سجناء الرأي، ومختلف الكوارث الداخلية مثل عبّارة الموت، وحريق قصر الثقافة ببني سويف، وغيرها وغيرها، بحيث تستطيع أن تقول بحق عن نقابة الصحفيين إنها ضمير مصر أو «هايد بارك» لإعلان رأي القوي الوطنية في مختلف الأحداث. ولا أتصور مثلاً أن يعتدي الصهاينة علي الفلسطينيين ونقول عن الصحفيين: يكفي أن نناصركم بأقلامنا: وأما الاحتجاج فممنوع إلا مرة كل أسبوع!! وأنتم عارفين موقف نقيبنا من تطبيع العلاقات مع بني إسرائيل! وإزاي حضرته بيحب أهل فلسطين!! مقترحات طريفة لتنفيذ قرار النقيب وهناك حكمة شهيرة تقول: شر البلية ما يضحك.. تذكرتها وأنا أتساءل عن كيفية تطبيق النقابة لفرمان نقيبها، خاصة أن رجال الأمن التابعين لها «غلابة» يجيدون الحراسة فقط، ولكن لا صلة لهم بالخناقات والاشتباك مع المتظاهرين، ولذلك أقدم عدة مقترحات من باب المداعبة اللطيفة: - شراء كلب بوليسي ضخم يخصص لهذا الغرض، ومنع تجمع أكثر من خمسة علي السلالم تطبيقاً لقانون الطوارئ، وهذا الكلب يعطي إنذاراً أولاً بالانصراف عن طريق النباح و«الهوهوة»، فإذا لم تحدث استجابة يكون من حقه «هبش» كل الواقفين علي السلالم دون إذن من النقيب!! الاقتراح الثاني يتلخص في أن تكون المظاهرات بالدور، علي حسب أسبقية الحجز علشان ماحدش يزعل، والمظلوم تنطبق عليه في هذه الحالة أغنية عبدالحليم حافظ: في يوم.. في شهر.. في سنة.. يعني أنت وحظك، ودورك في الاحتجاج قد يكون النهارده أو بعد شهر أو العام المقبل لأن هناك 52 واحدًا قاموا بالحجز قبلك فقائمة الانتظار كما تري طويلة. إذا كنت حريصًا علي إرضاء مكرم محمد أحمد وتنفيذ قراره فارفع شعار: «علقة تفوت ولا حد يموت» لأن حقك في التظاهر سيكون مقصورًا علي الرصيف والشارع، والآن بالطبع لن يسمح لك بذلك، وسينالك من الضرب الكثير، ولكن كله يهون من أجل نقيبنا الهمام!! وليس من حقك اللجوء إلي نقابتك والاحتماء بالسلالم الممنوعة عليك قبل الساعة الخامسة! كلمة ختام وبعد هذا الفصل من المداعبات اللطيفة أعود إلي الجدية الكاملة بثلاث ملاحظات: - أفضل من يشغل الأدوار الخالية بالنقابة وكالات الأنباء أو صحيفة جديدة تستعد للظهور، وهؤلاء بالتأكيد لن يصابوا بصدمة من التجمعات علي السلالم، بل هي ستكون مصدر رزق لهم أقصد أخبار طازة جاءتهم وهم جالسون علي المكاتب! فإذا فشلنا في ذلك وتم الاتفاق مع شركة استثمارية فأنا علي استعداد كامل للتواصل معهم والعمل علي راحتهم، أما أن تتهمني بتعطيل التأجير وأنت لم تبذل أي جهد يذكر في ذلك، فهذا أمر غير مقبول! سلالم نقابة الصحفيين اكتسبت أهميتها قبل بضع سنوات فقط، وتحديداً منذ الحرب علي العراق سنة 2003، عندما تغيرت بلادي كلها خلال الأعوام الماضية وكسرت حاجز الخوف وشهدت حراكاً لم يكن موجوداً من قبل، وكان من الطبيعي أن ينعكس ذلك علي نقابة الصحفيين وتكون في طليعة القوي الوطنية التي تحتج وتتطلع إلي التغيير. وأخيراً أقوم بتذكيرك بشعاري الذي رفعته قبل سنوات: قلمي أحمله باليمين وعلي يساري الميكروفون والعلم من أجل مصر، ولتفعل بنا القوة ما تشاء.