أسعدني الإستجابة السريعة والفورية لما طالبت به في نفس هذا المكان في الاسبوع الماضي عندما ناشدت الدكتور أحمد شفيق رئيس حكومة تسيير الأعمال بضرورة إلغاء وزارة الإعلام بعد أن استنفدت الغرض من وجودها وأصبح لامبرر لوجودها في هذا الزمن الذي تحرر فيه الإعلام المرئي والمسموع من كل قيود في وسائل الإتصالات حيث حولت الأقمار الصناعية العالم كله إلي قرية صغيرة علاوة علي شيء أخر يتعلق بمتغيرات المناخ السياسي حيث لم يعد يصلح لمصر وجود ما يسمي بالإرشاد الموجه أوالإعلام سابق التجهيز فهذا لايوجد سوي في الانظمة الشمولية أو الإستبدادية التي أشتهرت بها دول ما يسمي بالعالم الثالث المتخلف عن ركب الدول المتحضرة. وبالتالي كان لابد من انطلاق دعوتي في الاسبوع الماضي بالغاء وزارة الاعلام والتي جاءت لتتفق وتتطابق مع اقلام أخري سبق وان طالبت بنفس هذا الرأي دون ان يستجيب لها احد حيث اكتفي المسئولين عن قيادة الإعلام المسموع والمرئي أنذاك بتجميل الصورة فقط دون النظر إلي مضمون الخطاب الاعلامي وانه جهاز جاء ليعبر عن الأمة وليس عن نظام أو سلطة تتولي تحريكه بجهاز الريموت كونترول الذي نستخدمه في اللهث وراء القنوات التليفزيونية المحترمة التي تؤدي رسالتها الإعلامية علي اكمل وجه وفقا لمعايير مهنية محترفه يؤمن بها كل صاحب فكر حر ومتميز. واليوم وبعد أن تحقق ماطالبت به في الاسبوع الماضي اتمني ان تشهد المرحلة المقبلة إعادة ترتيب البيت الإعلامي علي اسس علمية سليمة تقودنا إلي أفاق أرحب واوسع في الممارسة الإعلامية في المجالين المسموع والمرئي ولكن هذا لكي يتحقق يتطلب سرعة إعداد مشروع قانون يتيح حرية تداول المعلومات بأعتبارها حقا مشروعا لكل من يمارس العمل الإعلامي سواء كان في الراديو أو التليفزيون أو الصحافة حتي تستطيع كل وسيلة إعلامية من أداء دورها الوطني في خدمة الرأي العام. وحرية تداول المعلومات تحمينا من تكرار السقطة الإعلامية المهنية التي وقعت فيها اجهزتنا المملوكة لوزارة الإعلام حيث سيطر عليها الجمود اثناء أحداث ثورة 52 يناير حيث اتجهنا جميعا إلي القنوات الفضائية المتواجده بكثافة من حولنا بحثا عن اية معلومات عما يدور داخل مصر حتي ولو كانت تلك المعلومات مغلوطة أو مشوشة أو تسعي لإحداث فتن ودسائس تقتلع الاخضر واليابس فنحن لم نجد عندنا ما يغنينا عن سؤال الغير فأخذنا نصدق كل ماهو مشوهه أو كاذب أو حتي صحيح فالصورة كانت مؤلمة ومحزنة تدعو إلي الرثاء. والأن الصورة أتغيرت والدنيا اختلفت ولم يعد هناك شيئا يغلق نوافذ الرأي والرأي الأخر وانقشعت الغمة وتلاشي الضباب ولاحت أنوار الحرية وبدأ إعلامنا المرئي والمسموع يتنفس نسائم عصر جديد ونحن مطالبون الان بالسعي بقوة وعزم نحو الصحوة الكبري التي تمكننا من الانطلاق بهذه الامة إلي المكانه المرموقة التي نستحقها بين شعوب الأمم المتحضرة والمستنيرة. وإذا كنا نسعي الأن لإصدار قانون يتيح حرية تداول المعلومات فلا بد أن يتتبع ذلك وضع مجموعة من الضوابط القانونية والاخلاقية التي يلتزم بها الإعلاميون في كل وسائل الاعلام بعد تحرره من قيد وزارة الاعلام الملغاه بحيث يأتي الاداء دون أن يمس أمننا القومي أو وحدتنا الوطنية وعقائدنا الدينية وبأستثناء ذلك فمن حق كل انسان يعيش علي ارضنا أن يعلم بما يدور من حوله بكل صدق ونزاهة دون التعتيم علي حقائق الامور وكفانا من الممارسات الاعلامية التي اوقعتنا داخل »حفرة« الزيف والتخلف طوال السنوات الماضية حيث كنا نتصور انه ليس في الإمكان ابدع ولا أجمل مما نحن عليه أنذاك وتلك هي المصيبة! وبإلغاء وزارة الإعلام لابد أن يعاد ايضا النظر في الدور الذي يقوم به إتحاد الاذاعة والتليفزيون خلال المرحلة المقبلة في رسم السياسات وفي إدارته لدفه الأمور ومواجهة الازمات المتراكمة بحلول تتسم بالحكمة والذكاء وحسن التصرف خاصة فيما يتعلق بالمشاكل المالية واتصور ان الحاجة ماسة وملحة الأن لإعادة النظر في تشكيل مجلس الأمناء وإختيار قيادة جديدة له تتفق مع طبيعة الظرف السياسي الجديد الذي فجرته ثورة 52 يناير وماترتب عليها من نتائج غيرت شكل الخطاب الإعلامي. ونحن الآن في انتظار الإعلان عن عمل الهيئة الجديدة التي سوف تتولي إدارة العمل الإعلامي خلال الأيام القليلة المقبلة والتي اتمني ان يتولي قيادتها شخصية تتسم بالكفاءة والنزاهة ونظافة اليد مع الالتزام بالصدق فيما تقوله داخل او خارج الغرف المغلقة حتي تتكسب احترام كل العاملين داخل مبني ماسبيرو العريق الذي عاني الكثير خلال السنوات الاخيرة .