أثار القرار الذي أعلنه مجلس الوزراء أول أمس بزيادة أسعار الوقود جدلاً كبيراً بين المواطنين، خوفا من الزيادة المتوقعة التي تحدث في الأسعار بعد أي زيادة في أسعار الوقود نتيجة زيادة تكلفة النقل، وجشع بعض التجار، وفي مقابل ذلك هناك تأكيدات إيجابية من خبراء الاقتصاد بأن القرار مدروس ومدرج في برنامج الحكومة الاقتصادي الذي يتم تنفيذه خلال الفترة الحالية. يقول د. عبدالرحمن عليان» أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس» أن القرارات التي تم اتخاذها الخميس الماضي بزيادة أسعار الوقود ستؤدي إلي تأثيرات إيجابية علي الموازنة العامة للدولة لأنها ستساهم في تقليل عجز الموازنة بحوالي من 30 إلي 40 مليار جنيه، ولكن من ناحية أخري فإن الزيادات في الأجور أو المرتبات التي حصل عليها معظم العاملين في الدولة بعد إقرار العلاوات مؤخراً سيتم سحبها بنسبة حوالي 50% نتيجة للزيادة التي ستحدث في أسعار السلع والخدمات نتيجة لزيادة تكلفة النقل، مشيراً إلي إنه إذا تم أحكام الرقابة علي الأسواق من الجهات الرقابية سيؤدي ذلك إلي ضبط الأسعار والسيطرة. ويضيف عليان إن عدم وجود رقابة فعلية ستؤدي إلي مزيد من جشع بعض التجار وبالتالي زيادة الأسعار عن الحد المعقول والتي سيتحمل تكلفتها المواطن البسيط فقط.. وبالتالي تزيد حدة التضخم من 4 إلي 5%. تقليل عجز الموازنه ويقول د. جمال القليوبي أستاذ هندسة البترول والطاقة ورئيس مركز المستقبل للدراسات الاقتصادية والسياسة إن قرار رفع أسعار المواد البترولية إلزامي وضعته الحكومة في برنامجها الإصلاحي الذي أقرته خلال السنوات الماضية، لينفذ خلال ثلاثة أعوام حتي عام 2018، مضيفاً إن القرار يستهدف تقليل العجز في الموازنة الجديدة وخفض نسب التضخم. مليار دولار شهريا وأشار القليوبي أن نسبة التضخم وصلت إلي 16% والعجز تخطي ال15% في الموازنة الجديدة، وهي نسبة كبيرة جداً، بجانب أن تحرير سعر الصرف أدي إلي ارتفاع فاتورة استيراد المواد البترولية التي وصلت إلي مليار دولار شهريا، منوهاً أن الحكومة تواجه معادلة صعبه جداً وهي عملية توفير السلع والدعم لمستحقيه، لذلك يجب تقليل فاتورة الاستيراد والتي يتم دفعها بالنقد الأجنبي واستخدامها في القطاعات الأخري وتقليل عجز الموازنة. ويكمل القليوبي قائلاً أن الحكومة ملتزمة برفع الدعم كاملا عن السلع سواء كانت بترولية أو غذائية بحلول العام المقبل طبقاً للجدول الزمني ببرنامجها للإصلاح الاقتصادي وماتم الاتفاق عليه مع صندوق النقد، خاصة وأن عجز الموازنة سيزيد إذا لم ترفع الحكومة الدعم المقدم للمواد البترولية والمقدر ب145 مليار جنيه.. واشار القليوبي إلي أن المستهدف من إلغاء الدعم أو رفع أسعار البترول هو توفير مايقرب من 40 مليار جنيه في الموازنة الجديدة من الممكن أن تساهم في تمويل قطاعات أخري تدر أموالاً واستثمارات، مضيفاً إلي أن تداعيات القرار ستكون صعبه بشكل مباشر علي مستخدمي بنزين 92% والمقدر عدده طبقاً لاحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء الخاص بعدد السيارات بمصر، حيث قدر عدد مستخدمي السيارات التي تستخدم بنزين 92 ب 2.5 مليون سيارة، و 4.5 مليون سيارة تستخدم بنزين 80، و 1.2 مليون سيارة تستخدم السولار وهي سيارات النقل الثقيل والنصف نقل. واستطرد القليوبي أن المواطن المصري اجتاز جميع الاختبارات الاقتصادية التي مر بها مع الحكومة، وأبرزها تحرير سعر الصرف وزيادة اسعار البترول العام الماضي، ولكن هذه الفترة بلغ الارتفاع 100% في بعض السلع مثل انابيب البوتاجاز التي ارتفعت من 15 جنيها إلي 30 جنيها، لذلك يجب علي الحكومة ان تتبع نظرية اقناع المواطن بضرورة تقبل الاجراءات الاصلاحية الصعبة، خاصة وأن زيادة الأسعار جاءت في توقيت بلغ سعر البترول 45 دولارا للبرميل، مشدداً علي ضرورة اتخاذ الحكومة إجراءات لضبط السوق ومنع استغلال المواطنين. تفعيل الرقابة ويتفق معه في الرأي د. صلاح الدين فهمي »رئيس قسم الاقتصاد بجامعة الأزهر سابقاً» مؤكدا علي ضرورة تفعيل الرقابة الحازمة بالأسواق، خاصة وأن القرار سيؤدي إلي رفع أسعار عدد كبير من السلع الغذائية بحجة إرتفاع تكلفة النقل، مشيراً إلي أن عددا كبيرا من التجار سيرفعون الأسعار مباشرة بسبب القرار، إضافة إلي ارتفاع أجرة وسائل النقل والميكروباصات. توفير العملة الصعبة واشار صلاح الدين إلي أن قرار رفع الدعم عن المواد البترولية مدروس ومدرج في برنامج الحكومة الاقتصادي الذي يتم تنفيذه حالياً، ويهدف القرار إلي تخفيض فاتورة الاستيراد من الخارج وتوفير العملة الأجنبية. ونوه صلاح الدين إلي ضرورة اتخاذ الحكومة لقرارات حماية للمواطن تزامناً مع رفع اسعار المواد البترولية والذي سيعقبه رفع أسعار الكهرباء خلال الأيام المقبل، إضافة إلي ضرورة طرح عدد من السلع الغذائية التي ستتأثر بالقرار نتيجة زيادة تكفلة الانتاج، بجانب زيادة أعداد اتوبيسات النقل العام خاصة في المناطق البعيدة لحماية المواطن من جشع سائقي المكروباصات. وأشار إلي أن الحكومة اتخذت قبل العيد مباشرة عددا من إجراءات الحماية الاجتماعية بلغت تكلفتها 75مليار جنيه، منها زيادة المعاشات وزيادة نصيب الفرد في البطاقات التموينية إلي 50 جنيها بدلا من 21 جنيها، وستحتاج إلي مورد جديد لتمويل هذه الاجراءات، والمورد سيكون من فائض زيادة اسعار الوقود. زيادة طفيفة للأسعار وعلي جانب آخر يؤكد علاء عز الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية إنه لن تحدث أي زيادة في الأسعار الفترة المقبلة نتيجة رفع أسعار الوقود، وإذا حدثت ستكون نسبة طفيفة جداً ومحدودة في المناطق النائية ولن يشعر بها المواطن البسيط، مشيرا إلي إن تكلفة النقل من المفترض إنها لن تؤدي إلي زيادة الاسعار كما يتوقع البعض لأن نسبة الزيادة ستكون ضئيلة جداً، لأن نسبة المحروقات من تكلفة النقل غير مرتفع، و كذلك نسبة تكلفة النقل لا تمثل إلا جزءا بسيطا جداً من تكلفة السلعة ككل، وبالتالي لن تؤدي زيادة أسعار الوقود علي تكلفة النقل وبالتالي علي زيادة الأسعار، كما إنه يتم بحث وضع منظومة جديدة لنقل السلع تقوم علي عدم تكرار نقل السلعة أكثر من مرة حتي لا تزيد تكلفة عملية النقل. ويشير إلي إن هذه القرارات هدفها الأساسي ترشيد للدعم وإعادة توزيع الموارد بشكل عادل، فليس من المنطقي أن يحصل من يمتلك السيارة علي نفس الدعم الذي يحصل عليه من يستقل وسائل مواصلات هيئة النقل العام، مؤكداً علي إن المنافسة بين التجار والمنتجين في الأنواع والماركات المختلفة ستمنع أي زيادة هائلة في الأسعار بصورة فردية.