محمد والمسيح عليهما السلام شقيقان في الرسالة والنبوة، مما حدا بمحمد إلي أن يهتف قائلا: »أنا أَوْلي الناس بابن مريم.. الأنبياء أولاد علات وليس بيني وبينه نبي . وفي رواية لمسلم يقدم شقيقه الأقدم في الرسالة، قائلا: »أنا أَوْلي الناس بعيسي بن مريم في الأولي- أي الدنيا- والآخرة»، قالوا: كيف يا رسول الله؟ قال: »الأنبياء إخوة من علات.. أمهاتهم شتي ودينهم واحد، وليس بيننا نبي»، والإخوة لعلات هم الأشقاء من أب واحد وأمهات شتي.. وهذا يعني توحدهم في أصل رسالاتهم لتوحيد الله وعبادته وطاعته وهداية الخلق إلي الحق.. أما أمهاتهم فشتي، »وتعني اختلاف شرائعهم التي تناسب أقوامهم وزمانهم، والأهواء والأدواء التي وجدوها في زمانهم .. فقلوب الأنبياء الطاهرة لا تعرف الغيرة أو الحقد أو الحسد..ولذا تجد كل نبي يبشر بالآخر من بعده.. فهذا يحيي ، وهو ابن خالة عيسي عليهما السلام، يقدم عيسي ويبشر به قائلا: »سيأتي من هو أقوي مني». وهذا عيسي عليه السلام يبشر بشقيقه الذي سيخلفه في الرسالة: » وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يأتي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ» .. إنه يبشر بشقيقه ومحبه الذي سينقل الرسالة من بني إسرائيل إلي أمة العرب ومنها إلي العالم كله. إنه نفس الناموس الذي أنزله الله علي عيسي وموسي ينزل بعدهما علي شقيقهما محمد عليهم السلام. كما قال ورقة بن نوفل وهو يطمئن الرسول الخائف من روح القدس جبريل ويرتجف من لقائه: »أبشر، فهذا هو الناموس الذي أنزله الله علي موسي».. وعلي نفس المنوال وبذات الطريقة يهاجر الرسولان عيسي ومحمد عليهما السلام.. فالمسيح تهاجر به أمه العذراء مريم، خشية أن يقتله اليهود أو الرومان وهو مازال صبيا.. فلم تجد مكانا آمنا سوي مصر التي احتضنت الرسل وأتباعهم منذ أن وطئها يوسف.