تحت مسمي النزعة الأخلاقية، نجد بعض المثقفين يعتبرون معارضيهم أعداء يجب محاربتهم وسحق أصواتهم، ولا يجدون أي غضاضة من الانتقال سريعا من مسرح الجدل الفكري، إلي حلبة الإرهاب الفكري، ليس لدحض أراء خصومهم، وإنما لإعدامهم علي الملأ في ميدان عام، بسم الأخلاق الخادعة يعتبرونهم برابرة لا يحق لهم النقاش والجدل، بل يجبرون علي الصمت ويتم تصفيتهم !! أحد زعماء هذا النهج هو الفيلسوف الفرنسي اليهودي »برنار هنري ليفي»، أحد الأسماء التي لمعت مع بداية ما يسمي بالربيع العربي، والذي استطاع فضحه وكشف ألاعيبه الكاتب الفرنسي »باسكال بونيفاس» من خلال كتابه »المثقفون المزيفون» الذي رفضته 14 دار نشر من كبريات الدور الفرنسية، لجرأته في تناول أصحاب هذا النوع من الكذب والزيف والتناقض علي أرض الأخلاق. ويشير الكتاب الفرنسي إلي ممارسة برنار هنري ليفي أقوي أنواع الإقصاء والقهر، والإرهاب الفكري مع المفكر السويسري من أصل مصري طارق رمضان، وتجريده من الأهلية، وذلك بسبب مقال نشره »رمضان» علي موقع المنبر الاجتماعي الأوروبي يلوم فيه عددا من المثقفين اليهود علي إغفالهم الممارسات الصهيونية ضد الفلسطينيين ونشر لائحة بأسمائهم، وقد أدت الحملة التي قادها ضده الصهيوني هنري ليفي إلي اتهامه بمعادات السامية، ووضع اسمه علي القائمة السوداء لمعظم وسائل الإعلام الفرنسية! وبعيدا عن طارق رمضان الظاهرة المثيرة للجدل ، والذي يري البعض أنه صاحب أفكار أصولية، ويخفي وجهه الحقيقي تحت غطاء الليبرالية ، ويري البعض الآخر أنه صاحب رؤية تقدمية جديدة للإسلام المعاصر ، فإنني أتوقف هنا أمام الفيلسوف الدموي برنار هنري ليفي »عراب» ما يسمي بالربيع العربي والقائد الخفي لها ، ونذير الشؤم والفتن والخراب الذي تبهجه مشاهد التدمير والقتل والموت، وتثيره برك الدماء التي يخلفها بعد مغادرته مقاعد المتفرجين في ميادين النزاعات، وتطربه أصوات الانفجارات والطلقات والمدافع ، ويهيم عشقا بالكيان الصهيوني حتي في أكثر لحظاتها قتلا وخرابا وتشريدا، بل ويعتبر الجيش الإسرائيلي أكثر جيوش العالم ديمقراطية وإنسانية وأخلاقا !! هذا الفيلسوف هو من وقف في ميدان التحرير قائلا: نعم كنت أدفع من جيبي الخاص لهذه الثورة، واستخدم وائل غنيم لمهمة تفعيل استخدام الفيسبوك، واجتمع مع قادة الإخوان ومن يطلقون علي أنفسهم الناشطين، وصاحب مبادرة التدخل العسكري في ليبيا وشن الغارات الجوية، وهو من اطلع علي التخطيط والخرائط وسير العمليات في ليبيا، مع القائد المنشق عن معمر القذافي، وذهب إلي الخطوط الأمامية في قلب صحراء ليبيا! كما أنه من دعا إلي التدخل العسكري ضد النظام السوري، ونشر أيضا مقالات تحت عنوان »أوقفوا السعودية» التي أصبح سعارها الدموي يشكل خطرا، ليس علي شعبها فقط، وإنما علي السلام في المنطقة والعالم، واتهم الرياض بتأجيج حرب طائفية شعواء بين الشيعة والسنة، وإثارة النزاعات القديمة بين العرب والفرس، ودعا إلي وقف بيع الأسلحة للمملكة، والامتناع عن شراء النفط منها. ولا يخفي علي أحد أن المفكر الصهيوني كان أكبر الداعين للتدخل الدولي في دارفور غرب السودان، ومن أوائل الداعين إلي التدخل في حرب البوسنة ، ولكن هذا بالطبع ليس حبا للمسلمين أو دفاعا عن الإسلام ، لأنه ببساطة يري أن النزعة الإسلامية تشكل خطراً علي الغرب ، وتهدده مثلما هددتها الفاشية ، كما سبق وأصدر بيانا مشتركا مع سلمان رشدي صاحب كتاب »آيات شيطانية» انتقد فيه حملة الاستنكار الواسعة ضد الرسوم المسيئة للرسول -صلوات الله عليه وسلم - في الصحف الدنماركية ، ليس هذا فحسب وإنما اعتبر التدخل في بلدان العالم الثالث بدواع إنسانية ليس »مؤامرة إمبريالية » بل أمر مشروع تماما !! واقع الحال أن الفيلسوف الصهيوني الدموي ليس مفكرا وصحفيا يكتب من فوق كرسي مكتبه الوثير، إنما الرجل الذي عرفته جبال أفغانستان، وسهول السودان، ومراعي دارفور، وجبال كردستان العراق، وميادين الربيع العربي والمستوطنات الصهيونية بتل أبيب، وهو رجل إسرائيل الذي وضعته مجلة »جيروزليم بوست» علي قائمة الأكثر 50 يهوديا مؤثرا في العالم، وهو أيضا من فتحت له أبواب مكاتب كبار المثقفين المصريين واستقبل بالترحيب والحفاوة والود كالأبطال والفاتحين والمناضلين ، في الوقت الذي اعتبره التونسيون ضيفا غير مرحب به حين زارهم ! وللحديث بقية..