عند الحديث عن الأوجه »الناصعة« و»المعتمة« لتكنولوجيا النانو لابد من إلقاء الضوء علي ما أحدثته من تأثير إيجابي في قطاع الصناعة والاقتصاد. ففي ضوء كل الدراسات الاقتصادية التي أجرتها كثير من الهيئات البحثية والصناعية، وحكومات الدول الصناعية الكبري، فإنه من المنتظر أن يمثل اقتصاد تكنولوجيا النانو قوة هائلة في مجموع حجم الاستثمارات العالمية في كل الصناعات مجتمعة. لقد فرضت تكنولوجيا النانو نفسها وبقوة علي المجتمع العلمي والمدني علي حد سواء وذلك لأنها التكنولوجيا الوحيدة القادرة علي دمج العلوم الأساسية وكثير من التقنيات التكنولوجية المتقدمة وصهرها في بوتقة واحدة. وقد أدي تطبيق تقنيات تكنولوجيا النانو بالقطاعات الصناعية المختلفة إلي تطوير مفهوم وفلسفة الإنتاج والتصنيع، مما انعكس بالإيجاب علي خصال وصفات المنتجات والسلع، الأمر الذي أدي إلي ابتكار تطبيقات حديثة لم تكن معروفة من قبل. ولم يكن غريباً أن تحظي تكنولوجيا النانو بهذا الاهتمام المتزايد من قبل متخذي القرار في حكومات الدول الصناعية الكبري ومؤسساتها الإنتاجية والبحثية بعد أن ظلت طويلاً ترتبط بأفلام الخيال العلمي التي نسجت عنها كثيرا من الروايات الأسطورية والمعجزات الخيالية طوال العقود الأربعة الأخيرة من القرض الماضي. وقد تم استخدام مصطلح »اقتصاد النانو« للتعبير عن كل الأنشطة التجارية المتعلقة بمخرجات تكنولوجيا النانو من إنتاج وبيع أو شراء للسلع أو المنتجات النانوية. ومما لا شك فيه أن المنتجات والسلع النانوية أصبحت هدفاً استثمارياً كبيراً للشركات الصناعية والتجارية الراغبة في تحقيق نسبة هائلة من الأرباح في سوق عالمية تعاني من الكساد. أصبح الآن كل منتج مرتبط اسمه بكلمة النانو أو تعتمد تكنولوجيا تصنيفه عليها يجذب أنظار المستهلكين من كل أنحاء العالم حيث يلقي رواجاً تجارياً منقطع النظير من قبل المستهلك العادي. وقد دخلت الدول الصناعية وشركاتها الكبري منذ مطلع هذ القرن في منافسات شرسة تهدف إلي دعم الأنشطة البحثية والتطبيقية لتكنولوجيا النانو، واحتكار مخرجاتها، وذلك عن طريق براءات الاختراع وقوانين الملكية الفكرية الصارمة، علي أن يتم استثمار هذه البحوث المبنية علي العلم والتكنولوجيا وليس علي تراكم رؤوس الأموال. وقد برهنت الكارثة الاقتصادية التي حدثت عام 8002 علي فشل ثقافة الاستثمار المبني علي المضاربة برؤوس الأموال في تحقيق مكاسب سريعة. كما أكدت تبعيات تلك الكارثة الاقتصادية المريرة أهمية الدور الذي تؤديه العلوم والتكنولوجيا في بناء اقتصاد قوي ثابت مبني علي المعرفة التكنولوجية والتي تُعد »تكنولوجيا النانو« المعول الرئيسي له وأداته الاستراتيجية. كان من البديهي وسط هذا التنافس العالمي الكبير الخاص بإنتاج السلع والمنتجات الثانوية، ومع ابتكار أساليب جديدة في الإنتاج والتوصيف، أن تقوم الجامعات والمعاهد البحثية إلي جانب شركات الإنتاج علي حماية مبتكراتها التكنولوجية، وأن تحتكر لنفسها التفاصيل التقنية الدقيقة المتعلقة بعمليات الإنتاج والتصنيع، وذلك عن طريق براءة الاختراع، وقد وصل عدد براءات الاختراع التي حصلت عليها تلك الجهات في المواضيع المتعلقة بالمواد النانوية والتكنولوجيا القائمة عليها خلال الفترة ما بين العامين 0002 إلي 7002 إلي 76844 براءة اختراع. وهناك معدل نمو سنوي في إعداد تلك البراءات في الفترة المذكورة، والذي وصلت نسبة نموه إلي 81٪ مما يعكس نمواً مطرداً في حجم قطاع الإنتاج »النانو تكنولوجي« وازدياد حجم المنتجات الثانوية القائمة التي تضخ إلي الأسواق. وللحديث بقية.