أعتبر نفسي من سعداء الحظ الذين عاشوا وعايشوا العصر الذهبي للأغنية.. فشهدت حفلات سيدة الغناء العربي أم كلثوم.. والتي كان يصدح صوتها في الخميس الأول من كل شهر بأجمل الكلمات واعزب الالحان التي صاغها عظماء عصرها في الموسيقي والغناء.. وكنت سعيد الحظ لانني اقتربت من الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب.. واستمتعت بألحانه الرائعة وصوته الشجي.. وأصوات نجوم الزمن الجميل الرائعة شادية والمغردة نجاة والمتمكنة فايزة والعندليب عبدالحليم.. وغيرهم من الذين لا يتسع المجال لذكرهم. وأعتبر نفسي الآن من تعساء الحظ لانني عشت وشهدت تراث هؤلاء العمالقة يباع »بالقفة« وبأبخس الاثمان في صفقات تثير العديد من علامات الاستفهام ليذهب ابداع هؤلاء العمالقة إلي المحطات العربية.. ورغم أن هذه القضية لا تزال قيد التحقيقات إلا انها لن تعيد ما ضاع.. مثلما اضعنا من قبل تراثنا السينمائي ووقفنا نتسول حق عرض افلامنا من المحطات العربية.. والقضية واحدة.. والنتيجة واحدة وهي اننا اضعنا تراثنا الفني بأيدينا ووقفنا نتفرج وحينما أفقنا كان الوقت قد فات.. والفرصة قد ضاعت. لماذا أستعيد الآن لحظات السعادة والتعاسة التي اجتمعت عليّ في وقت واحد؟ أقول لكم فأنا من عشاق سماع ومشاهدة حفلات ام كلثوم.. وقد استمتعت بمشاهدة احدي حفلاتها الغنائية وهي تشدو بأغنية »جددت حبك ليه« فجددت احزاني واثارت شجوني.. وتساؤلاتي.. فإذا كان تراثنا الغنائي قد صار الآن ملكا للمحطات العربية فهل فرضت هذه المحطات ضمن شروط الصفقة عدم عرض حفلات هؤلاء العمالقة من النسخ التي بحوزتنا؟ انني أتمني ان يدلني قاريء واحد ويخبرني متي كانت آخر مرة ضبط فيها تليفزيوننا العريق بقنواته الارضية والفضائية والاقليمية يعرض حفلا غنائيا لام كلثوم أو عبدالحليم أو شادية أو فايزة أحمد أو نجاة ولا متي عرض اغنيات كاملة لصاحبة الصوت العذب ليلي مراد.. واين شرائط حفلات عبدالحليم التي تزيد علي مائتي حفلة مسجلة؟ أين كل هؤلاء الكبار الذين يضيئون ساعات ارسال الفضائيات العربية بشدوهم الراقي.. فيخصصون لهم القنوات والمساحات الكاملة دون قطع الاغنية من منتصفها من اجل اعلان أو برنامج لا يشاهده أحد.. في الوقت الذي تفسح فيه قنواتنا التليفزيونية المجال أمام الغناء »الهابط« وهي كلمة مهذبة جدا أمام نوعيات غريبة من الاغنيات واساليب مبتذلة في الاداء صارت تقفز علي شاشاتنا من خلال بعض البرامج والاعلانات.. ولا أعلم اين لجان المتابعة من كل هذا.. فما يحدث يستحق ان يتوقف عنده السيد أنس الفقي وزير الإعلام لمنع هذا العبث والتجاهل وإهالة التراب علي تاريخنا الفني العريق. زووم أوت: هل سأكون مبالغا إذا اتهمت بعض المسئولين بأنهم يعملون لصالح المحطات العربية؟