أقر مجلس الشوري خلال جلساته مؤخرا تعديلات علي قانوني الضريبة علي الدمغة، والدخل، وتم ارسال تلك التعديلات إلي الحكومة. القوانين التي أقرها المجلس تأتي ضمن حزمة من القوانين الضريبية تشمل أيضا تعديل قوانين ضريبة المبيعات، والجمارك، والعقارية. عبدالحليم الجمال وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشوري، وعضو المجلس عن حزب النور أكد أن تلك القوانين التي أحالتها الحكومة للمجلس تعد ضمن التعديلات التي تجريها الحكومة في البرنامج الاقتصادي بناء علي توجيهات صندوق النقد الدولي للحصول علي قرض الصندوق، وأضاف الجمال في الحوار التالي ان حزب النور امتنع عن التصويت علي تلك القوانين سواء في اللجنة الاقتصادية أو الجلسة العامة. ما موقف حزب النور من قوانين الضرائب المعروضة علي المجلس؟ قبل الإجابة علي السؤال لابد من ذكر ان تلك التعديلات سبق واصدر الرئيس محمد مرسي بها قرارا في بداية شهر ديسمبر من العام الماضي، وتم ايقاف العمل بتلك القرارات بعد ما احدثته من احتقان في الشارع، وتقرر عرضها علي الحوار المجتمعي، بعد ذلك فوجئنا بقيام الحكومة باحالة تلك القوانين للمجلس، وواجهت هذه التعديلات معارضة شرسة من بعض القوي الوطنية علي رأسها حزب النور، حيث إن الحزب لديه تحفظات شديدة علي تلك التعديلات الضربية.. أولا أن الحوار المجتمعي الذي وعد به رئيس الجمهورية حول تلك القوانين لم يحدث، والثاني أنه قد سبق الاتفاق في جلسات الحوار الوطني التي تمت في رئاسة الجمهورية علي اقتصار دور مجلس الشوري علي اصدار القوانين الملحة والعاجلة فقط، وتعديلات قوانين الضرائب ليست من بينها، والتحفظ الثالث بتمثل في أن تلك التعديلات تعد إضافة جديدة علي الاعباء التي يتحملها محدودو الدخل، وبعكس ما أكدته الحكومة من أنها سترفع الأعباء عن المواطنين، وانها في صف الفقراء ضد الأغنياء، بدليل انه لا يختلف اثنان من المهتمين بالشأن الاقتصادي ان الضرائب التي ستفرض علي أصحاب المشروعات والمستثمرين في ظل سوق غير منضبط لن تدخل ضمن تسعير السلع والخدمات التي يدفع ثمنها المواطن، والتحفظ الرابع جاء نتيجة الشكوك التي كانت لدي الحزب بأن حزمة التعديلات الضريبية جزء من تعديلات تجريها الحكومة في البرنامج الاقتصادي بناء علي توجيهات صندوق النقد الدولي للحصول علي قرض الصندوق الذي يتم التفاوض معه منذ حكومة د.عصام شرف.. ولكل ما سبق قررت الهيئة البرلمانية لحزب النور بالشوري الامتناع عن التصويت علي تلك التعديلات. وما موقف الحزب من صندوق النقد الدولي؟ لم نوافق ولم نرفض القرض لاننا نطالب بعرض مجموعة التعديلات التي اتفقت الحكومة علي اجرائها مع الصندوق علي نواب الشعب جملة واحدة مع القرض حتي يتسني للمواطنين ان يعرفوا من خلال نوابهم ما هي الأعباء التي سيتحملونها من أجل هذا القرض، بخلاف اننا في حزب النور نري من الوجهة الشرعية ان القروض تنطوي علي شبهة الربا، وان هذه الشبهة تجعل الموافقة عليها لابد وأن تكون كأكل الميتة في ظل ضرورة ملحة لارتكاب هذا المحظور. ماذا تم خلال لقاء حزب النور مع وفد الصندوق؟ تبين لنا خلال هذا اللقاء أن حزمة التعديلات الضريبية التي تقدمت بها الحكومة جزء من الاصلاحات الاقتصادية التي طلبها الصندوق، وعلمنا من وفد الصندوق ما لم تخبرنا به الحكومة أو أعضاء حزب الحرية والعدالة بالمجلس والذين أكدوا أن تلك التعديلات لم يفرضها الصندوق.. حيث أكد وفد الصندوق خلال اجتماعنا به أن مصر تمر بأزمة اقتصادية كبيرة، وأن القرض من الممكن أن يساهم في الحد من خطورة هذه الأزمة بشرط اجراء بعض الاصلاحات في البرنامج الاقتصادي.. أولها حزمة التعديلات الضريبية التي أحالتها الحكومة للمجلس، وهو ما يؤكد أن التعديلات تمت بتوجيه من الصندوق، كما كانت رؤية وفد الصندوق خلال اللقاء أنه من الواجب رفع الدعم تدريجيا لتصحيح الخلل الهيكلي الذي أصاب الاقتصاد، مع إعادة الهيكلة للمواد المدعومة باستخدام البطاقات الذكية للطبقات الفقيرة، وبعد هذا اللقاء أعدت المجموعة الاقتصادية بالحزب تقريرا لدراسته أمام الهيئة العليا واتخاذ قرار بشأن القرض. هل هناك بدائل للخروج من الأزمة الاقتصادية بخلاف القرض؟ بالطبع توجد بدائل أخري ولكنها تحتاج إلي إرادة سياسية حازمة لاجراء اصلاحات من شأنها توفير سيولة مادية تصل إلي اضعاف القرض.. أولا إعادة هيكلة الدعم دون المساس بالأسعار وهو ما من شأنه توفير 60 مليار جنيه وفقا للدراسات الاقتصادية.. ثانيا ضم ايرادات الحسابات والصناديق الخاصة إلي الموازنة العامة حيث يقدر الاقتصاديون ارصدة تلك الصناديق بما يصل إلي 40 مليار جنيه تقريبا في يونيو القادم، ثالثا الاستفادة من الأصول الراكدة والكهنة والأصناف الزائدة عن الحاجة في وحدات الجهاز الإداري والتي تقدر بمبلغ 79.5 مليار جنيه.. رابعا الاستغناء عن المستشارين والخبراء الوطنيين البالغ عددهم 26 ألف مستشار وخبير في الجهاز الإداري للدولة ويكبدون الموازنة العامة 16 مليار جنيه، ويتمثل الاجراء الخامس في ضبط الانفاق الحكومي المظهري وسد منافذ الفساد الإداري وترشيد حصيلة الديون الحكومية خاصة من الضرائب التي تبلغ 60 مليار جنيه مستحقة علي ممولين متهربين من دفعها، والاجراء السادس يأتي من خلال تخفيض التمثيل الدبلوماسي.. حيث يبلغ عدد سفارات مصر بالخارج 183 سفارة، متوسط العاملين في كل منها 32 موظفا دبلوماسيا، وبعضها في دول عدد المصريين بها لا يتجاوز أصابع اليدين، بالإضافة لعدم وجود معاملات أو تبادلات تجارية معها، ويكفي هنا أن أؤكد علي أن سفارات أمريكا في الخارج 73 سفارة فقط.. أما الاجراء السابع فيكون من خلال مواصلة الضغط القانوني والدبلوماسي والشعبي علي بعض الدول لاسترداد أموال مصر المنهوبة والمودعة في بنوكها، والتي قدرها بعض المراقبين بمبلغ 134 مليار دولار. واخيرا الاجراء الثامن من خلال معالجة القصور الذي شاب قانون الصكوك وحذف المواد الخاصة بتمليك الأجانب للأصول المتولدة عن بعض الصكوك.. حيث نري ان القانون يعد آلية اقتصادية قادرة علي توفير التمويل والخروج بمصر من حافة الخطر.. بعدما اثبتت تجربة الصكوك معدلات نمو في دول العالم مثل تركيا وألمانيا وبريطانيا والسعودية ودبي وقطر.