منذ بدأ عملي بملف التواصل المجتمعي، بل وقبل ذلك بزمن وأنا أدرك أن ملف الخلاف الديني هو من أهم الملفات لتناول مشكلاته وحل معضلاته، سواء شقه الإسلامي الإسلامي أو الإسلامي المسيحي، وبالفعل قمت بالمشاركة في ورش عمل مختلفة للاهتمام بهذا الملف خاصة الأخير واستفدت كثيراً بنصائح أصحاب التجارب في هذا المجال، وكان من منطلقاتي في هذا العمل قول الله تعالي:" لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس". وكذلك قوله: "أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً". فالأمر يتعلق برسالة إحياء نفوس البشرية وهي لا شك من أسمي الرسالات وأنبل الغايات وهي استكمال لأهداف الرسالات السماوية ومقاصد الشريعة الإسلامية العظيمة، والعمل في هذا المجال هو مقدمة لنهضة الأمة ورقي المجتمع، ومحل إجماع فيما أحسب وبعيد عن مواطن الخلاف السياسية والنزاعات الطائفية. ولكن مع الانطلاق في العمل يشعر الساعي في هذا المجال بضعف الحماس وزهد الآخرين في المشاركة، وعزوفهم عن المساهمة رغم شرف المقصد ونبل الغاية، ولكن هذه العوائق لا يصح أن تكون مثبطاً عن العمل ولا مقعداً عن السير. ومما وضح للجميع أن الشعب المصري عموماً يميل للسلام والوئام، وينفر من العنف والخصام، ولم تعرف مصر في تاريخها حرباً أهلية علي قاعدة من الخلافات والفتن الطائفية، وكذلك جوهر الإسلام يجنح إلي السلام بل هو دين السلام، وكذلك تعاليم المسيحية تحض علي ذلك، وهذا مما يسهل المهمة ويشجع علي العمل، وكذلك العقلاء والحكماء وأصحاب المنطق من الفريقين أوفر عدداً وأقوي حجة. والظرف الذي تمر به مصر ظرف دقيق ووقت شديد الحساسية، يتطلب تضافر الجهود واجتماع القوي والتسامي فوق الأغراض المحدودة أو المكاسب السريعة أو البحث عن غنيمة باردة. لكل هذه الظروف المحيطة وغيرها ارسلت نداءً وما زلت أرسل لسرعة تكوين لجان للإنذار المبكر ورفض المنازعات وفض الخلافات والتوافق الوطني تنتشر بالمحافظات والمدن والمراكز يكون من شأنها الحفاظ علي النسيج المصري والوحدة والوطنية ومد جسور التواصل وتعميق أواصر العلاقات الطيب والتسامح بين كافة طوائف وتجمعات الشعب المصري، ولا نحتاج التنويه بأن هذه الحالة من التوافق هي الأساس لأي نهضة نرجوها أو تقدم نسعي إليه.