تمر بالانسان أحيانا بعض المواقف التي تبعده عن طبيعته، وبعض المواقف تكون رغما عنه، وطارئة علي شخصيته لذا علينا أن نكون مرنين في التعامل مع مواقف الحياة اليومية ونلتمس الأعذار لمن حولنا. والعتاب لا يحل مشكلة ولا يوطد علاقة ولا يرجع فائتا، والانسان الرحيم والأصيل يحب الصفح والسماح لكل من يتقدم له بطلب الاعتذار منه لأي أخطاء ارتكبها بحقه وقبول الاعتذار يحض الناس علي الاعتذار متي أخطأوا لأن الاصرار علي الملامة والعتاب وتسجيل المواقف لإحراج المعتذرين يجعلهم يصرون علي الخطأ ويأبون الاعتراف به. ب وفي هذا العصر الذي يضج بالضغوط بكل ألوانها المالية والعملية والاجتماعية.. نجد الكثير يتعاملون مع الآخر وكأن علمه أحاط بكل شيء، وكأنه كامل ومثالي يتجهون مباشرة إلي اصدار الأحكام الجاهزة عليه، يحاكمون نواياه استنادا إلي شبهات فهذا يتهم صاحبه أنه اتصل به هاتفيا وأنه أبي الرد عليه ولم يبحث له عن عذر »نوم، عدم سماع الرنين...« وذلك يطلب من أخيه طلبا فوق طاقته فيقلق ولا يقدر الظرف، وآخر نسي أمرا لصاحبه سهوا فيتهمه بالتقصير.. وقد تنشأ العداوات والمقاطعات لغياب التماس العذر للآخرين وتقدير الظروف. ب خلق اليوم سبيل للمغفرة يوم القيامة لأن الجزاء من جنس العمل وكما قلنا هي تشبه كفت الميزان تضع هنا يضع الله تعالي لك هناك واستمع معي إلي هذا الحديث وانظر إلي فضل الله تعالي علينا وكيف يتجاوز عن الذنوب قال رسول الله صليَّ عليه وسلم »ليس أحد أحب إليه العذر من الله«. ب وأحيانا يعتذر لك مخطئ بعذر لا تقبله فتقول له »عذر أقبح من ذنب« ،ولكن الله تعالي يقبل فلا أحد أحب إليه العذر منه سبحانه وتعالي وأحيانا يعتذر لك انسان لكن حجم الخطأ أكبر بكثير في نظرك من عذره فتقول له: وأين أقوم بصرف هذا العذر؟ ولكن الله تعالي أحب إليه العذر ويغفر للمسيئين وأحيانا يتكرر الخطأ ويتكرر معه الاعتذار فتقول للمخطئ هذه ليست أول مرة لكن الله يقبل. حقا ليس أحد أحب إليه العذر من الله.. وانظر معي إلي التركيب العجيب في الحديث »لا أحد« المفروض بعدها يقبل الأعذار لكنه يحب العذر وليس مجرد القبول فحسب.. هذا هو الله.. فماذا عنك أنت؟ هل من اليوم ستقبل الأعذار ليقبل الله عذرك مهما كان سيئا. ب التمس الأعذار للناس فليس من المعقول أن تكون نملة أفضل وأحسن ظنا منك.. النملة.. وهي حشرة صغيرة.. لا تملك من القوة والعقل.. ما يملكه الانسان.. انظروا.. حسن ظنها.. تأملوا ماذا قالت: »حتي إذا أتوا علي وادي النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون »قالت« وهم لا يشعرون« »التمست لبني الانسان عذرا.. لتحطيمه لها.. لدقة حجمها.. واستحالة رؤيتها في حال انشغاله بما هو أعظم. ب هل تبحث عن السعادة والاطمئنان والسلام الداخلي؟ العلاج هو التماس الأعذار للآخرين وحسن الظن بهم فليس أريح لقلب العبد في هذه الحياة ولا أسعد لنفسه من حسن الظن، فبه يسلم من أذي الخواطر المقلقة التي تؤذي النفس، وتكدر البال، وتتعب الجسد. ب إن حسن الظن والتماس الأعذار للآخرين يؤدي إلي سلامة الصدر وتدعيم روابط الألفة والمحبة بين أبناء المجتمع، فلا تحمل الصدور غلا ولا حقدا، ولهذا جاء التوجيه النبوي منه صليَّ الله عليه وسلم: »إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا..«. وكل هذه الأمور علاجها في التماس الأعذار وحسن الظن بالآخرين. ب ولكن في بعض الأوقات يصدر خطأ من شخص لك يزيد غضبك ويجعلك لا تري إلا الرد عليه فماذا تفعل في هذه الحالة ؟عندي لك فكرة حاول تطبيقها.. قال صديق لصديقه: موعدنا غدا لنتعاتب فقال له صديقه: بل قل موعدنا غدا لنتغافر.. هذه طريقة أحلي من العتاب لا تعري المخطيء وتزيد الأمر عليه مشقة قبول العذر أرقي وأجمل وأكثر أدبا وخلقا ودينا أقبل العذر ولا تفتش وراءه صادق أم كاذب. ب وتعلم من قصة يوسف مع اخوته وكيف أنه قبل عذرهم بالرغم من فداحة ما فعلوه به ملتمسا العذر لإخوته بأن فعلهم كان من الشيطان ونزغاته، قال تعالي: »ورفع أوبية علي العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم«. ب قال ابن حبان رحمه الله »الواجب علي العاقل إذا اعتذر إليه أخوه لجرم مضي، أو لتقصير سبق، أن يقبل عذره ويجعله كمن لم يذنب . ب