السيارة المشئومة المتسببة فى الحادث المكان: فوق الطريق الدائري عند منطقة بشتيل. الزمان :عقارب الساعة تشير الي الثالثة قبل الفجر داخل المكان المخصص كمحطة لانتظار اهالي منطقة بشتيل عربات الميكروباص المتجهة الي امبابة والمناطق المختلفة كان هناك نحو 04 شخصا كل منهم في انتظار السيارة التي ستقله الي وجهته. كان كل شيء يمر هادئا. ولم يكن احد من هؤلاء المساكين يعلم ماذا يخبيء لهم القدر خلال ثوان قليلة. حينما سمعوا صوت فرامل عالية ثم سيارة ملاكي تنقلب عدة مرات قبل ان تنزلق فوق سقفها وهي تتجه مسرعة فوقهم وسط حالة من الذهول والصدمة جعلت الجميع يتسمر في مكانه وكأنه قد اصيب بالشلل ولم يحركهم من اماكنهم سوي نفس السيارة التي دفعتهم امامها وهي تستمر في انزلاقها نحو سور الطريق الدائري ليتساقطوا معها من اعلي الطريق علي الارض. لم يكن هناك وقت للصراخ او الاستغاثة فقد سقط البعض جثة هامدة بدون حراك. بينما منعت شدة الاصابات البالغة المصابين من الصراخ الا بعد فترة. هول الموقف وقسوة منظره كانا كفيلين بلفت الانظار لقائدي السيارات علي الطريق الدائري الذين توقفوا وبدأوا يحاولون فعل اي شيء لانقاذ الضحايا ولكن سقوطهم اسفل الطريق لم يسمح لهم سوي بالاتصال باجهزة النجدة والاسعاف. وهو ما فعله ايضا اهالي منطقة بشتيل الذين تنبهوا لما حدث فخرجوا من منازلهم وهرولوا الي مكان سقوط الضحايا. خاصة ان معظمهم كانوا من اهل المنطقة او اقاربهم. البعض حاول تقديم الاسعافات الاولية او وقف نزيف الدماء كان الجميع يتسابق لانقاذ حياة من يمكن انقاذه. من بين الضحايا كان قائد السيارة المشئومة ويدعي علي عبدالحميد علي الذي كان يرقد مصابا داخل سيارته وتبين فيما بعد انه كان قادما متجها الي منزله بمنطقة امبابة عندما اصطدمت به سيارة نقل ضخمة دفعته امامها ليصطدم بسيارة اخري كانت تقف علي جانب الطريق قبل ان يقتحم المحطة المكتظة بالاهالي المسكينة ثم يجتاز الحاجز الخرساني علي جانب الطريق الدائري. البلاغات المتعددة في وقت واحد من عشرات قائدي السيارات الذين تصادف مرورهم كانت كفيلة بلفت انظار المسئولين في غرف عمليات النجدة والاسعاف لخطورة الحادث وكذلك الاخطار الذي قدمته مجموعة الشرطة المسئولة عن تأمين الطريق الدائري والذي اصيب بالشلل في موقع الحادث حيث هرعت في وقت واحد 03 سيارة اسعاف انطلقت من نقاط تمركز متعددة لتتوجه لموقع الحادث والتي تم توجيهها بعد ذلك الي اماكن سقوط الضحايا. ولولا عناية السماء لتضاعف عدد الضحايا حيث تصادف سقوطهم فوق كومة من الرمال في ارض فضاء. تحول المكان الي خلية نحل تمتليء بممثلي الاجهزة الامنية والانقاذ علي رأسهم اللواء محسن حفظي مدير أمن الجيزة ونائبه اللواء محمود ابراهيم واللواء كامل ياسين مدير الادارة العامة للمرور ومسئولي مرفق الاسعاف. وعلي ضوء اجهزة الاضاءة القوية بدأ رجال الانقاذ والاسعاف عملهم وعلي الفور تم اعلان حالة طواريء بجميع المستشفيات وابلاغها بالاستعداد لاستقبال المصابين فيما تم تجهيز اطقم في مجال الحوادث وغرف العمليات وتعليمات بتوفير كميات كافية من الدماء. وبينما استقبلت مستشفيات بولاق الدكرور وامبابة العام المصابين تم نقل المتوفين الي مشرحة مستشفي امبابة العام. في نفس الوقت كان رجال المرور وبالاستعانة بالاوناش الضخمة يقومون برفع السيارات المعطلة بسبب الحادث لاعادة حركة المرور التي عطلت ولاتاحة الفرصة لسيارات الاسعاف للتحرك بحرية لانقاذ المصابين. بعد نقل المصابين اصبح المشهد في مكان الحادث يشير الي بشاعته حيث غطت الدماء مساحات كبيرة من المكان والذي امتلأ ايضا بمتعلقات الضحايا من احذية وملابس تلطخت بالدماء. وسط المكان كان احد شهود الحادث والذي يعد اول من رصده وهو ايمن مرتضي 72 سنة عامل بكشك سجائر وحلويات اسفل منطقة الحادث مباشرة حيث كان يجلس مع صاحب الكشك لتسليمه الايراد اليومي حينما سمع صوت فرامل شديدة ثم ارتطام سيارتين وكما يقول خرجت كي استطلع ما حدث فوجئت بسقوط اشخاص من فوق الطريق بجواري بخلاف بعض اشلاء الضحايا التي كانت تتطاير، كان المشهد بشعا ولا يمكن تخيله. وعلي الفور توافد الاهالي وبدأنا نحمل المصابين في السيارات والاسعاف التي تسرع بهم للمستشفيات. داخل المستشفي علي بوابة مستشفي امبابة العام كان العشرات من اقارب المصابين قد ازدحموا في انتظار اية معلومات تطمئنهم علي ذويهم في حين كانت ادارة المستشفي قد منعت دخول اي شخص حتي يتفرغ الاطباء لانقاذ حياة المصابين داخل غرف العمليات وفي اسرة استقبال الحوادث. كانت صراخات الالم ترتفع بسبب شدة الاصابات بمعظم الموجودين احدهم هو الذي تمكن من الكلام اسمه خالد احمد 93 سنة فني نظارات قال انه عقب انتهاء عمله التقي مع عدد من اصدقائه وصعد اعلي الطريق الدائري ليستقلوا ميكروباص الي منزلهم وما هي الا دقائق حتي وقع الحادث في ثوان كأنه كابوس مزعج ولم اعد ادري بنفسي الا وانا في المستشفي وعلمت من الاطباء بانني مصاب بعدة كسور. ويقول عمر شحاتة 32 سنة العامل بمصنع كريستال عصفور انه كان متجها الي منزله بالوراق واثناء وقوفه شاهد سيارتين مسرعتين ثم فقد قائد احداهما السيطرة عليها لتنقلب عدة مرات وتزحف نحوهم ولم يتمكن اي شخص من الواقفين الهرب بنفسه بسبب السرعة والمفاجأة وقد اصيب محمد بعدة جروح قطعية خطيرة في انحاء جسده. القتلي اسفر الحادث عن مصرع كل من »اسرة بكاملها« مكونة من احمد عبدالحي احمد 23 سنة عامل وزوجته هبة احمد سيف النصر 82 سنة ربة منزل ونجله فهد 5 سنوات واسلام عبدالرحيم علي 02 سنة طالب مقيم بامبابة، وعمرو احمد بدوي طالب يقيم ببولاق الدكرور، شوقي رواش علي 85 سنة مهندس مقيم بالهرم، طه حسن عبدالدايم 32 سنة عامل ومقيم بالوراق، محمد ابراهيم امين 83 سنة عامل مقيم بالوراق، و3 جثث مجهولة اخري لم يتم التعرف عليهم الاولي لسيدة في العقد الرابع وطفل بالغ من العمر عاما واحدا يرجح انه احد افراد الاسرة الكاملة وشاب في العشرين من عمره. المصابون كما اصيب كل من علي عبدالحميد علي 81 سنة طالب وهو قائد السيارة المشئومة ومصاب بارتجاج في المخ وكسور بالعظام، وعمرو شحاتة محمد عامل مصاب بكسور بالقدمين، خالد محمد احمد فني نظارات مصاب بكسر في العظام، حبيبة احمد عبدالحي احمد 3 سنوات من الاسرة المتوفاة ومصابة بارتجاج في المخ، محمد سيد ابراهيم 72 سنة، احمد حسن عبداللطيف 23 سنة خراط، خليفة احمد 53 سنة مبيض محارة، عبده حافظ 33 سنة عامل، فوزي حافظ 43 سنة عامل. المشهد الباگي رغم بشاعة الحادث وقسوته.. فان مشهد احد الضحايا الذي لقي مصرعه ومعه كل افراد اسرته كان اصعب المشاهد علي الاطلاق فقد كان المواطن احمد عبدالحي احمد 23 سنة والذي يعمل موظفا باحدي شركات القطاع العام وبجواره زوجته الحامل وتمسك في يدها الطفل فهد وشقيقته حبيبة يقفون في سعادة وهم يترقبون قدوم الميكروباص الذي سيقلهم الي منزلهم. وفجأة شاهد احمد السيارة الطائشة تتجه نحو اسرته بسرعة واسرع كالمجنون يحاول ابعادهم عن طريقها ولكن هيهات.. فقد كان طائر الموت يحلق فوق المكان بعد ان قال القدر كلمته. فقد اطاحت السيارة بالاب احمد قبل ان تتطيح بباقي اسرته في نفس اللحظة لتتطاير جثثهم في الهواء. ويصف احد رجال الاسعاف الذي نقل جثتهم المشهد الدامي لهم حينما فوجيء بالاب يحتضن جثة زوجته ووسطهما جثة الطفل فهد.. اما الابنة حبيبة فقد كانت لاتزال حية ولكنها تصرخ باكية حينما انتزعنا جثة امها من بين ذراعيها وهي تقول لا تتركيني يا ماما وحدي.. تعالي يا بابا والذي كانت جثته ترقد بجوارها.