احترام الآخر ثقافة للأسف تغيب عن مجتمعنا و المؤلم انها تكاد تختفي تماما في اوساط المثقفين من صحفيين واعلاميين وممن يعتبرون من النخبة السياسية و الفكرية ، فما نراه من هذه الفئات من رفض للآخر بكل الصور يجعلك تفقد الأمل في ان يكتسب مجتمعنا هذه الثقافة في التعامل، حتي خلال الحورات التليفزيونية تجد المذيعة او المذيع متحفزا للضيف مادام أنه لا يتفق مع رؤيته، بل ان بعضهم لا يبالون في اظهار قدر من السخرية خاصة اذا كان الطرف غير المرغوب فيه علي الهاتف ... لقد اتيحت لي فرصة للمشاركة في عدة مناسبات في لبنان، والحقيقة انك تشهد هناك حالة متميزة جدا، فالخلافات السياسية قد تكون في اوجها، و علي الرغم من ذلك تستطيع و ببساطة ان تسمع مناقشات تعرض وجهات نظر متعارضة تماما، و يحتفظ كل طرف باحترامه للآخر لا تسمع سخرية فجة او استهزاء برمز سياسي او ديني... ربما كانت الحرب الاهلية التي عاني منها اللبنانيون سنوات طويلة هي السبب الاساسي لهذا الوعي .. و لكن هل يعني ذلك اننا لابد ان نمر بنفس هذه التجربة حتي نتعلم احترام الآخر و نعتاد آداب الحوار... الحقيقة انني كدت افقد الأمل في أبناء هذا الوطن حتي تعطلت سيارتي و اضررت الي استخدام المواصلات، لا أخفيكم انني دهشت من مستوي الوعي لدي بعض السائقين و البسطاء، ومن مدي قدرتهم علي الاستماع و المعارضة بعيدا عن الاهانة و التجريح، حتي انني تمنيت لو ان المثقفين و النخبة يتمتعون بما لمسته في هؤلاء ... المهم ان مصر بخير بولاد البلد أهل الأصول الجدعان، و الأهم أنني قررت أن أغلق التليفزيون وامتنع عن المناقشات السياسية.