الطفل الذي أشعل نار الفتنه في شوارع شبرا ليلة الاثنين الماضي يشبه الي حد كبير »عبده موته« .. الصور التي انتشرت للبلطجي الصغير علي مواقع التواصل الاجتماعي لاتختلف كثيرا عن صور المدعو محمد رمضان في فيلميه الكارثيين الألماني وعبده موته .. والخلاصة أننا أمام جيل جديد تشبع بما يدسه "السبكية" في عقول المصريين من سموم تحت مسمي الواقع الذي نعيشه وهو في الحقيقة لم يكن واقعا بل صناع تلك الأفلام هم من فرضوه واقعا وساهموا في انتشار رقعته علي مستويات اوسع . المسخرة في قصة بلطجي شبرا الصغير أنه من أسرة تدعي التدين فوالده جمال صابر مؤسس حركة حازمون.. وما أدراك ماجمال صابر، فالرجل يصدر نفسه لنا انه حامي حمي الشريعة والاخلاق في حين فشل في حماية أخلاق ابنه، ولكن القضية الأهم والاخطر هنا هي تأثر الأجيال الجديدة بثقافة "عبده موته" مع اختلاف النسق القيمي والاخلاقي والطبقات الاجتماعية التي ينتمون لها والكارثة الأكبر أن هذا التأثير السلبي تحول بمرور الوقت الي مظهر عادي من مظاهر الحياة في الشارع المصري بل ويرتبط بالمهنة أيضا فالقاعدة ان يكون سائق التوك توك مسجل خطر ومن دواعي الفخر أن يكون سائق الميكروباص بلطجيا، وأن يتحول التحرش الي قسم يؤديه البائع المتجول قبل احتلال مساحة من الرصيف بفرشته. الانهيار الاخلاقي الذي نعيشه يمثل نموذجا فريدا، ففي الوقت الذي يُستخدم فيه الدين لفرض مفاهيم سياسية وتأكيد معتقدات اجتماعية لاعلاقة لها بالدين أو الاخلاق تجد الشارع مرتعا للجريمة والبلطجة وتجارة المخدرات علي مسمع ومرأي من الجميع بمن فيهم أصحاب فكرة "الشرطة المدنية"، وأصبح أمرا عاديا ان تذهب الي كشك في شارع شهاب بالمهندسين وبدلا من أن تشتري زجاجة عصير أو علبة سجائر يعرض عليك البائع "حته" من صنف جديد سمة "صرخة انثي"!