لا أعرف علي وجه الدقة كيف يفكر أصحاب القرار في حزب الحرية والعدالة؟.. ولا أعرف بالضبط ماذا يريدون؟!. لن أوجه سؤالي إلي جماعة الإخوان المسلمين منعا للقيل والقال، رغم الارتباط الوثيق بين الحزب والجماعة، وبين كل منهما وبين مؤسسة الرئاسة!. أقول ذلك مع اقتناعي التام بكون المراحل الانتقالية التي تعقب الثورات، تشهد كل أنواع عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، ولكن ما يحدث في مصر الآن ومنذ فترة، لا يمكن تبريره علي الإطلاق والادعاء بأن ذلك أمر عادي! مثل هذا التبرير قد يكون مقبولا إذا كانت الأيدي مغلولة والنيات صادقة، لكن الأمر يختلف تماما في مثل حالة مصر، واقتناعي بأنه يمكن الوصول إلي الشاطئ الآخر من النهر بأقل التكاليف أو الخسائر، وليس بعد خراب مالطة، والقول بأن ذلك أمر طبيعي! أنا أتوجه بما أقوله لكل أطراف اللعبة السياسية: رئاسة وحكومة ومعارضة.. ويبدو لي أن هؤلاء جميعا ارتضوا وضع أياديهم في مياه باردة ولا يقدِّرون الموقف حق تقديره.. فبالرغم من تفاؤلي بأن مصر سوف تجتاز أزمتها ولن تقع أبدا، فإنني مع ذلك لا أريد مزيدا من الخسائر الاقتصادية، ناهيك عن الخسائر في الأرواح التي لا يمكن تعويضها! تفاؤلي هذا يضع أمامي صورة الوصول إلي توافق، ولو بعد حين، بعدما يضطر كل طرف إلي أن »يلم« نفسه.. واعذروني عن هذا اللفظ! وليس هناك سوي إفساح المجال للتوافق السياسي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فالأوضاع الاقتصادية لا تخفي علي أحد، سوي العميان والمصابين بالصمم والبكم! القيامة لن تقوم لو تم قبول استقالة النائب العام، ولن تقوم بالطبع لو قُبلت استقالة حكومة د.هشام قنديل! أقول ذلك اقتناعا بأن مثل تلك الخطوات سوف تضع الكرة في ملعب المعارضة، خاصة جبهة الإنقاذ، وسوف تكشف نياتها الحقيقية!. وأقول أيضا إن مصر لن تخسر كثيرا أو قليلا لو استقالت الحكومة أو أُقيلت!.. لقد توقفت طويلا أمام تصريح للدكتور عصام العريان، القيادي البارز في حزب الحرية والعدالة، وقوله إن بقاء حكومة هشام قنديل يخصم من رصيد الحزب، في إشارة واضحة إلي ضعفها وأدائها الهزيل!.. وطالما الأمر هكذا، لماذا الإبقاء علي تلك الحكومة وعدم تغييرها، وهو المطلب الذي أجمعت عليه كل الأطراف؟!. بالقطع يا دكتور عصام، الحزب يرفض الخصم من رصيده في الشارع، والشارع نفسه لا يريد هذه الحكومة، والمعارضة نفس الشيء.. فلماذا العناد؟. كارثة كبري لو كان الإصرار علي بقاء الحكومة يرجع إلي كون جبهة الإنقاذ تريد تغييرها بأخري!.. لا أعتقد أن مثل هذا الأسلوب في التفكير هو منطقكم، اللهم إذا كنت غير مطلع علي النوايا!. لا أريد التذكير بالفوضي الحالية والاضطراب السياسي والاقتصادي، فلن أضيف جديدا.. فقط أتساءل: ألم تكن الفترة الانتقامية أقصد الانتقالية التي استمرت عقب تنحي المخلوع ولمدة سنة ونصف السنة تقريبا، كافية لمعاقبة الذين قاموا بأروع ثورة في تاريخ مصر؟!.. ربما البعض لا يعرف أن الفوضي التي واكبت تلك الفترة كانت متعمدة حتي »يهرول« المصريون جميعا إلي أقدام أولي الأمر ليقبِّلوها، مطالبين إياهم بالجلوس علي كرسي الرئاسة، مرددين في صوت واحد »كفاية«!. لسان حال المصريين يكاد ينطق بنفس الكلمة ويضيف إليها كلمة أخري مرددين »كفاية حرام «!.