عكست توجهات جون كيري وزير الخارجية الأمريكي الجديد عقب توليه منصب الأمل الذي يراود كل وزير خارجية أمريكي وهو التوصل إلي تسوية لقضية الشرق أو حتي مجرد دفعها نحو التسوية، ولكن كيري في أول زيارة لمنطقة الشرق الأوسط لن يزور إسرائيل.. وذلك في الوقت الذي حرص فيه علي إعطاء أولوية للتعاطي مع الوضع السياسي في مصر التي يصل إليها اليوم »السبت«. وقد أصبح من الواضح أن البيت الأبيض يريد ان يحدد موقفه من الوضع في مصر بدلاً من أن يمسك بالعصا من الوسط.. وجاء الاتصال الهاتفي الذي تم بين الرئيس أوباما والرئيس محمد مرسي ليضع النقط علي الحروف فيما يتناول موقف واشنطن وحرص البيت الأبيض علي اصدار بيان رسمي بتفاصيل هذا الاتصال الذي يمكن اعتباره الأساسي الذي تريده واشنطن لعلاقاتها مع القاهرة وفي الوقت الذي تتعامل الادارة الأمريكية بحذر شديد مع ما تجري في مصر حتي لا تتهم من جانب الحكومة أو المعارضة المصرية بأنها تنحاز لطرف دون آخر فقد وصف المراقبون بيان البيت الأبيض بأنه بمثابة توضيح الموقف الأمريكي حتي لا يتعرض كيري لما تعرضت له وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون من رفض صريح من جانب المعارضة المصرية. وقد استهل الرئيس أوباما حديثه مع رئيس مصر بالتأكيد علي التزام الولاياتالمتحدة بمساندة الشعب المصري وهو بسبيله إلي الانتقال للديمقراطية. ونص البيان علي أن ترحيب الرئيس أوباما بموقف رئيس مصر نابع من التزام مرسي بأن يكون رئيساً لكل المصريين بما فيهم النساء واتباع جميع الديانات. وبأسلوب اتسم بالحرفية والدقة أكد الرئيس الأمريكي مسئولية الرئيس مرسي عن حماية المباديء للديمقراطية التي كافح شعب مصر من أجل الحصول عليها. ورأي المراقبون أن نص بيان البيت الأبيض علي مساندة شعب مصر وحماية حقوقه إنما هو توضيح غير مباشر علي أن واشنطن لا تنحاز لفريق دون آخر. ومن هذا المنطلق حث الرئيس الأمريكي جميع الأطياف السياسية في مصر ورئيس مصر علي العمل علي خلق توافق يدفع بعملية الانتقال السياسي. وليس هناك شك في أن ما تطرق اليه الجانبان المصري والأمريكي يشكل جدول أعمال زيارة كيري للقاهرة ويتلخص فيما يلي: الوضع الاقتصادي في مصر وللرؤية الأمريكية التي تبرز تنفيذ عمليات تطوير تحظي بمساندة واسعة وتدعم النمو الطويل الأجل. الأمن الاقليمي واستمرار في دعم أمن المنطقة واستمرار وقف اطلاق النار في قطاع غزة. التأكيد علي ضرورة مشاركة جميع المصريين في العمل سوياً لبناء الديمقراطية بما يدعم الاستقرار الاقتصادي والرفاهية.. وليس هناك شك في أن التأكيد الأمريكي علي أهمية العلاقات في مصر لا يعني أن هناك تقصيرا من جانب واشنطن في تقديم الدعم الاقتصادي لمصر حيث ان صلاحيات الرئيس أوباما في تقديم الدعم تصطدم بالتوجهات السياسية للكونجرس الذي يضع يده علي محفظة الضرائب.. وأمام ما تردد مؤخراً من عنف في مصر لم تعد معارضة الافراج عن المعونة الامريكية مقصورة علي التيار المحافظ في الكونجرس حيث وقف عدد من أعضاء الحزب الديمقراطي في صف المعارضين. وأي متابعة لما يدور من اسئلة خلال المؤتمر الصحفي للخارجية الأمريكية يصب حالياً في خانة معارضة تقديم المعونات لمصر.. وفي بداية الاسبوع الماضي تلقت الخارجية الأمريكية سؤالا عن حصول الحكومة المصرية علي ترخيص باستيراد قنابل مسيلة للدموع وكيف يمكن لواشنطن السماح بذلك.. وقال المتحدث الرسمي قبل ان يخوض في تفاصيل الصفقة ان واشنطن تساند حرية التجمع والتظاهر السلمي وتري ان العنف ليس له مكان في مصر الحرة الديمقراطية.. كما أكد العلاقات العسكرية والدفاعية الوثيقة مع مصر وكيف ان جميع التدريبات الثنائية تحث علي المهنية واحترام الحريات الأساسية وحقوق الانسان. كما حرص المتحدث باسم الخارجية علي التأكيد ان مصر قد قامت بتسديد ثمن هذه القنابل وانها لم تخصم من المساعدات الأمنية بتسديد ثمن هذه القنابل وانها لم تخصم من المساعدات الأمنية المخصصة لمصر.. وعاد ليؤكد ان الاستخدام الصحيح لهذه المعدات حماية للأرواح والممتلكات وندد بسوء استخدام القنابل المسيلة للدموع موضحاً ان هناك رقابة أمريكية غير مباشرة علي استخدامها. وبعد ان فشل المتحدث في توضيح سبب عدم وضع عبارة صنع في الولاياتالمتحدة علي العبوات التي تم تصديرها وأكد انه طلب إزالة الجهة المصنعة لم يصدر من الخارجية الأمريكية ولم يجد المتحدث سبيلاً للتخلص من محاصرة صاحب السؤال له حول كيفية قيام الجانب الأمريكي بمراقبة استخدام معدات مثل القنابل المسيلة للدموع وكيف ان عملية المراقبة تتم علي حساب دافع الضرائب الأمريكي وفي الوقت الذي تعاني فيه الإدارة الأمريكية من المأزق الاقتصادي الذي سيدفعها إلي إلغاء أو تقليص العديد من البرامج أشار المتحدث الرسمي إلي انه لا يستبعد وقف او تقليص عملية المراقبة لعدم توافر التمويل اللازم. ولا تقتصر عملية متابعة ما يجري في مصر علي المحافل الرسمية بل هناك نشاط متزايد من جانب الاعلام المتخصص حيث استعرضت مجلة فورين بوليسي سيناريوهات عديدة أبرزها تدخل الجيش لانقاذ مصر من كارثة اقتصادية ويقول هيللر وهو باحث بمعهد بروكنجز أن تدخل الجيش هذه المرة سيكون أكثر لطفاً ليمهد الطريق لوضع دستور جديد وإجراء انتخابات رئاسية جديدة قد تطرح المعارضة وقتها قيادة بديلة ربما تدفع مصر للأمام. ونظراً لعدم وضوح الرؤية لا يستبعد الكاتب قيام الجيش بمواجهة الاخوان مما قد يؤدي إلي عنف درامي.