البحث عن حل لازمة الدولار و الحديث عن ضغف احتياطي النقد الاجنبي هو الشغل الشاغل لكل من يتحدث في الشأن الاقتصادي اليوم أو يحاول الاقتراب منه، فتجد من يطالب بفرض المزيد من القيود علي الاستيراد، وآخر يطالب بإلزام المصدرين بتقديم عائداتهم من الصادرات خلال ثلاثة شهور.. افكار كثيرة ومتعددة ولكن الحقيقة هي ان السوق لازال يعرف أكثر من سعر للدولار فهناك سوق رسمي تبيع به البنوك لعملائها من مستوردي السلع الضرورية، ثم عدة اسعار اخري يبيع ويشتري بها المتعاملون بالدولار خارج البنوك، سواء كان طلبهم علي الدولار لاستيراد سلع رفاهية او للسفر أو المضاربة، وهنا يجتهد البائع للحصول علي اعلي سعر بينما يسعي المشتري للعكس وبين هذا وذاك يتربح وسطاء السوق السوداء.. بعيدا عن تحليلات الاقتصاديين وبلغة اهل السوق الذين اعتادوا التفكير العملي فإن التجربة اثبتت ان كل ما يتخذ من اجراءات لن يؤتي ثمار حقيقية اذا لم نسمح بظهور جميع التعاملات الي النور، بغض النظر عن السعر وهو ما فعله البنك المركزي عام 2004 بعد تعويم الجنيه في ذلك الوقت كان سعر الدولار في السوق السوداء 7.25 جنيه، وقتها فوجئ السوق ان البنوك العامه فتحت ابوابها صباح يوم واعلنت ان السعر الرسمي وفقا للبنك المركزي هو، 7.25 جنيه، و ان البنك علي استعداد لشراء اية كميات بهذا السعر، و في غضون ايام معدودة كان البنك المركزي قد جمع من السوق مبالغ ضخمة كون بها نواة لاحتياطي النقد الاجنبي و قضي تماما علي مضاربات السوق السوداء وبالتدريج استعاد السوق توازنه، و تراجع الدولار ليصل الي 5.30 جنيه، فالطريقة الوحيدة لوأد المضاربات هو اتاحة السلعة للبيع في النور بالسعر الذي يرتضيه السوق ايا كان، حيث يلتقي البائع و المشتري مباشرة دون وسيط يتلاعب بكل منهما، فهل سنري قريبا هذه الخطوة من البنك المركزي؟