علمنا اساتذتنا الكبار - رغم ما قد يكون بيننا من اختلاف في وجهات النظر - ان الصحافة مهنة تعتمد في المقام الاول علي الامانة، الامانة في نقل المعلومة دون نقصان او زيادة، وان تعرض كافة الاراء سواء كنت معها او ضدها.. عبر سنوات المهنة قابلت الكثير من تزييف الحقائق او تجاهلها، وللأسف ازداد الوضع سوءا بعد الثورة.. واليك احد الامثلة ، في الايام الاخيرة زار مصر عدد من الخبراء العالميين، منهم د. جيمس روبنسون خبير الاقتصاد السياسي من جامعة هارفارد، لضيق الوقت اضطررت للانضمام الي أحد الشباب من احدي الصحف اليومية المستقلة الشهيرة، علي أن يتقدم كل منا باسئلته الخاصة، كانت اسئلة الزميل كلها تستحث الرجل علي مهاجمة الاخوان والتأكيد علي عجز ما يعرف بالتيارات الاسلامية عن مواجهة المشاكل الاقتصادية في المرحلة الحالية، ولكن الرجل اراؤه كانت محددة بان الاخوان هم اكثر فصيل منظم وقادر علي الوصول للناس حتي الان، وأن الدين لايمكن ان يكون عقبة في سبيل تحقيق النمو الاقتصادي، بل واستشهد بان كثيرا من حكومات العالم في مراحل مختلفة كانت متدينة ولم يمنعها هذا من النهوض ببلادها، واعطي امثلة بانجلترا وامريكا مشيرا الي ان الدين لا يتعارض مع النمو الاقتصادي، وطالب الاطراف السياسية جميعا بالتخلي عن المصالح الحزبية والتركيز علي الخروج من المرحلة الانتقالية.. الصحيفة الخاصة تلك لم تنشر حرفا واحدا من الحوار، فالرجل لم يقل ما كانت تريده، المؤسف حقا ان تلك الصحيفة تستحوذ علي ثقة الطبقة المثقفة.. بالطبع لا اقصد من هذا الكلام تغيير سلوك أمثال تلك الصحيفة فهم يفعلون ما يفعلونه عن قصد، ولكن الامانة تقتضي ان نكشف مثل هذه الصحف، وان نطالب زملاءنا المشهود لهم بالنزاهة، ان يدركوا ان دورهم الان اكبر من اي انتماء سياسي وأن مصلحة البلاد تحتاج لمصداقية امثالهم فلا يبخلوا بها.