استعادت مصر هيبتها وكرامتها في السادس من اكتوبر عام 3791 باحراز نصر عسكري رائع بعد ان عانت مرارة الهزيمة في حرب يونيو 7691. ولم يأت النصر صدفة ولكنه كان محصلة إعداد منظم علي الصعيد الوطني والقومي والعالمي واستخدمت فيه كل الاساليب والوسائل.. لقد أحس الشعب المصري بعد هزيمة يونيو 7691 بالاهانة، كما أحس الجيش المصري بظلم شديد لخسارته في حرب لم يخضها فقد سرق منه زمام المبادرة لاعتبارات متعددة منها ما هو محلي وما هو عالمي وحدث ماحدث... لكن سرعان ما أدرك الشعب والجيش معا انه لا وقت للبكاء علي احلام الوطن ولا مكان للمتخاذلين ودعاة الاستسلام. وبدأت علي الفور ودون إبطاء عملية البناء الايجابي للشعب المصري وإعادته للتوازن النفسي وإعداده المنظم لبدء مرحلة استرداد الارض والكرامة تحت شعار »ما أخذ بالقوة لايسترد بغير القوة«. وقبل الشعب المصري التضحية بكل شيء مفضلا دعم وتحديث وإعادة بناء القوات المسلحة علي كل أولوياته وتحول اقتصاد مصر إلي اقتصاد حربي بما يعنيه ذلك من ضغط الانفاق والاستغناء عن كل وسائل الرفاهية بل وكثير من الاساسيات.. واحتلت القوات المسلحة صدارة الاهتمام في بناء حديث لكوادرها من معدات وجيوش ووحدات من خلال عدد من الاليات من أهمها:- أحاط الشعب بقواته المسلحة داعما واثقا في قدرتها علي تحقيق النصر. و بدأت القيادة العليا للقوات المسلحة مهمة إعادة البناء بأسلوب علمي قوامه جندي متعلم قادر علي استيعاب مهامه في اقصر وقت يستطيع استيعاب اسرار المعدات العسكرية الحديثة وتطويرها مقدرا لقيمة الوقت محسنا لأداء واجباته وتنفيذ برامج تدريبية رفيعة المستوي وتجارب علي نماذج لمحاكاة سيناريوهات الحرب بكل مراحلها وما يواجهها من صعوبات مثل خط بارليف أو عائق قناة السويس المائي والأهم كان زرع روح الفداء والتضحية لدي جند مصر مهما كانت الصعوبات. وعلي المستوي العام اتسمت مواقف الرئيس محمد انور السادات رحمه الله بالدهاء واستخدام جميع وسائل الحرب النفسية والإعلامية في التعمية والتمويه حتي استشعر العدو والعالم ان مصر لن تحارب واذا كان ذلك واردا فإن سبعة أعوام غير كافية لإعداد جيش سينتصر علي جيش يظن دائما انه جيش لايقهر وهو الجيش الاسرائيلي ويعني ذلك استحالة ان تبدأ مصر حربا ضد إسرائيل. وعلي المستوي العربي اجادت مصر بقيادة السادات إعداد المسرح العربي وتهيئنة لدعمها عموما والتنسيق مع سوريا علي علي وجه الخصوص باعتبارها شريكة طبيعية في أزمنة الحرب والسلام- فكان الموقف العربي عظيما عندما توقفت امدادت البترول للغرب وتوجيه الدعم المصري والعسكري لكل من مصر وسوريا- ولم يكن العالم العربي في يوم ما علي هذا القدر من التضامن مثل ما حدث خلال حرب اكتوبر المنتصرة. وعلي المستوي العالمي استغل الرئيس السادات الاوضاع العالمية آنذاك للحصول علي دعم اغلبية دول العالم وتضامنها مع مصر في حقها في تحرير ارضها واسترداد كرامتها وكان من ابرز الدول الداعمة الدول الافريقية ودول المعسكر الاشتراكي آنذاك. يعني ذلك انه تم تهيئة جميع الظروف المؤهلة للنصر وكانت البداية في ساعة صفر تم اختيارها بأسلوب علمي بضربة جوية قادها الرئيس محمد حسني مبارك تلاها عبور منتصر لقناة السويس وخط بارليف وتقدم الجيش المصري علي الجانب الشرقي لقناة السويس في ملحمة عبور رائعة ذك فيها حصون العدو فلاذ الجيش الاسرائيلي وجنوده بالفرار بعد أن تجرعوا مرارة الهزيمة كما اعترف بذلك قادته وأركانه وما زالو يعترفون بأسرار هزيمتهم حتي الآن. وبعد سبعة وثلاثين عاما من حرب اكتوبر المجيدة فان هناك دروسا مستفادة نهديها للشباب المصري من أهمها: إن المصلحة العليا للوطن فوق الصالح الشخصي وعدم الانصات إلي دعاوي الاحباط واليأس والاصرار علي تحقيق الاهداف ان الاسلوب العلمي والتفكير المنطقي هو الضامن لتحقيق الاهداف والثقة في قدرات شعبنا هو المدخل الطبيعي لتحقيق التقدم والنهضة. 5- ان المستقبل اكثر اشرقا اذا ما اجتمعنا علي قلب رجل واحد واتخذنا أسباب التمسك بديننا واخلاقنا وتسلحنا بالإيمان والعمل .