للناس فيما يعشقون مذاهب.. فلا عجب أن يذهب القيادي الإخواني »عصام العريان« أبعد مما نتصور جميعا، ويدعو إلي عودة اليهود من أصول مصرية إلي موطنهم الأصلي! وذلك في إطار مشروعه لتفريغ اليهود من فلسطينالمحتلة وإعادة توطينهم، ليستعيد الفلسطينيون أرضهم المحتلة! هكذا ببساطة يمكن أن ينتهي الصراع العربي الإسرائيلي الذي دام لأكثر من ستة عقود كاملة، وهذا بالطبع علي اعتبار أنه ليس هناك مشروع صهيوني، ولا حلم بدولة من النيل للفرات!! والحق أن د. العريان لا يدخر جهدا في إطلاق التصريحات و»التويتات« التي تصدح ليل نهار في الفضاء، محدثة قدرا لا بأس به من الجدل، لكن تصريحاته الأخيرة الخاصة بعودة اليهود لا يمكن أن تمر مرور الكرام! ولأن السكوت علامة الرضا، فما زالت مؤسسة الرئاسة تتعامل مع تصريحات مستشار الرئيس، ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة بصمت رهيب! وفي حين أدلي »محمود غزلان« المتحدث باسم »الإخوان« بتصريح مقتضب يشير إلي أن تلك التصريحات شخصية ولا تعبر عن موقف الجماعة، خرج علينا القطب الإخواني »حمدي حسن« زعيم المعارضة في برلمان 5002 مؤيدا ومباركا لتصريحات »العريان« ومؤكدا علي ضرورة حصول يهود مصر علي حقوقهم وممتلكاتهم! وعلي الجانب الآخر انطلقت المظاهرات في تل أبيب مرددة الشعارات الموالية والمناصرة لعصام العريان، باعتباره البطل المحب للشعب اليهودي!! ولأن ما قاله د. العريان يعد »نصرا مجانيا« لدولة إسرائيل كما قالت المستشارة تهاني الجبالي فقد سارعت الهيئة اليهودية المصرية في باريس بإرسال برقية تهنئة للدكتور محمد مرسي ومجلس الشوري علي إقرار الدستور الجديد، وتوجيه الشكر للقيادي الإخواني عصام العريان علي دعوته الرسمية لليهود المصريين بالعودة من إسرائيل، واسترداد أملاكهم وحقوقهم المغتصبة (!) التي تصل إلي أكثر من 30 مليار دولار! مطالبين رئيس الدولة بفتح حوار فورا مع اليهود لحل القضايا المرفوعة في المحاكم منذ سنوات، لأنهم يرفضون اللجوء إلي المحاكم الدولية في ظل وجوده!! ويخطئ من يتصور أن تصريحات »العريان« غيض من فيض مشاعر إنسانية، وأحاسيس حب وتعاطف تجاه شعب الله المختار، ظلت حبيسة طوال سنوات حتي سنحت الفرصة للتعبير عنها!! أو أنها رؤية شخصية بعيدة عن أي لعبة سياسية تحاك خيوطها علي مسرح الأحداث من أعلي هضبة المقطم، لكسب الود والدعم والتأييد الدولي! صحيح إنها ليست المرة الأولي التي يغازل فيها مستشار الرئيس »الدولة الصهيونية«، لكن الصحيح أيضا أن التصريحات هذه المرة تتخذ منحي رسميا، كون مطلقها ليس قطبا إخوانيا فقط، وإنما هو أيضا مستشارا لرئيس الدولة، ونائب لرئيس الحزب الحاكم!! ولكي تمتلئ المرايا الواسعة بالمشاهد علينا أن نعيد قراءة الأحداث المتعاقبة ونضعها في سياقها لتكتمل الصورة، ونبدأ بمشهد حريق المجمع العلمي في 1102 ثم القبض علي شاب يقوم ببيع وثائقه في منطقة المعادي، تلك الضاحية التي يقطن فيها السفير الإسرائيلي، ثم مشهد الإعلان عن إحباط محاولة تهريب 31 طرداً تحوي مستندات ووثائق تتعلق بأملاك اليهود في مصر، وننتقل إلي مشهد أخر وهو زيارة عصام العريان الشهر الماضي إلي أمريكا في زيارة لمدة أسبوع، ويعود بعدها ليطلق دعوته الكريمة لليهود، ثم يؤيده في الدعوة القطب الإخواني حمدي حسن! تري هل يمكن أن تكون كل تلك المشاهد صدفة!