بالتأكيد هو أصعب موقف عاشه صديقي الصعيدي اللواء أحمد عبدالجواد طوال حياته!.. بينما كان يؤدي عمله تلقي مكالمة تليفونية.. قال المتحدث بكلمات مرتعشة: ابنك النقيب الحسن.. تعيش انت!.. زلزال عنيف هز الضابط الكبير بلا رحمة.. حوله إلي أطلال إنسان.. طار بسرعة البرق إلي مدينة المنيا.. شق الصفوف بين مئات الحاضرين من ضباط وأفراد وأقارب داخل المستشفي حتي وقف أمام جثمان نور عينيه.. أزاح الغطاء عن وجهه فوجده كعادته.. مبتسما كالقمر.. تحسسه بيديه لعل الخبر كاذباً.. نادي عليه كما اعتاد في البيت.. »عمَّار.. عمَّار.. قوم يا حبيبي.. رد علي«.. لكن عمَّار لأول مرة يعصي والده رغما عنه فهو نموذج للابن البار.. المطيع لوالديه.. كان يسابق الزمن لتحقيق حلمه الكبير ان يصبح ضابطا مهما كوالده وأعمامه الأربعة وشقيقه سواء بالأمن الوطني أو المباحث الجنائية. كان الله في عونك يا صديقي.. فقد تلقيت الضربة القاضية في أعز الناس في لحظة سقطت من حساب الزمن.. وكنت كما عرفتك علي مدي 72 عاما ضابطا متميزا يحمل بين ضلوعه قلب أسد.. فأصبحت من أهم ضباط الأمن الوطني في مصر. الله وحده يعلم سر بحر الأحزان الذي ابتلعتك دوامته العميقة في لحظة أفقدتك الإحساس بالحياة.. وأنت لا تصدق أن حفل الزفاف الذي تعد له لتعيش أجمل ليلة وأكبر فرحة في حياتك وأنت تتم فرحة عمَّار علي عروسه قريبا.. تودعه الآن بيديك إلي قبره! الله وحده يعلم سر الصرخة التي شرخت قلبك وأبكت ألوف المشيعين أثناء اللقطة الأخيرة في اليوم الحزين لوداع شهيد الواجب علي باب قبره: آه يا عمَّار! يارب أنزل رحمتك علي أحمد عبدالجواد وزوجته وأولاده واخوته في مصابهم الأليم.. وأرزقهم صبراً جميلاً من عندك.. واجعل عبدك »عمَّار« من أهل جنتك.