باق شهران ونطفيء شموع عامين كاملين علي ثورة يناير. ولكن وآه من لكن، أما آن الأوان لنقف لحظة صدق مع أنفسنا ونحاسبها ماذا قدمت هذه الثورة لمصر وأبنائها! وهل ما نحن فيه هو ما كنا نرغبه ومن أجله قمنا بثورتنا؟! الدعوة لمحاسبة النفس وتقييم الوضع الذي نحن عليه لا تعني الجانب السلبي فقط أو أنني ضد الثورة أو حتي التجني علي ما يدور حولي لكن فقط أريد أن أدق نواقيس الخطر. فالوضع بكل الأبعاد خطير جدا ونحن وكأننا مسحورون. الأيام تمر بين أيدينا ونحن غافلون غير مدركين إلي أين نحن سائرون! فهناك من يظنون »وللأسف هم كثر« إنه بقيام الثورة قد فتحت كنوز كسري وقيصر وإننا امتلكنا مفاتيح خزائن قارون. وبناء عليه قويت قلوبهم وأعلنوا عصيانهم، وخرجت كل طائفة تطالب بحقها في هذا الإرث العظيم فتكدست الشوارع وأغلقت الأعمال وعمت الفوضي وانتشر المتظاهرون والمحتجون الرافضون لأوضاعهم المطالبون بالمستحيل. فمن أين ستلبي طلباتهم مع التردي الاقتصادي والخزانة الخاوية والاضطرابات والإنفلات الأمني وقلة الموارد وكثرة المتربصين بنا من كل جانب لإسقاطنا وإزلالنا إما بالقروض أو التلويح بإنعاش اقتصادنا المتعثر بأموالهم الملوثة! مضي ما يقارب العامين وضميري يتعامل مع المتظاهرين والمحتجين بتعاطف تارة أو بالرفض تارات أخري ولكن ما آلمني وأوجع قلبي اضراب الأطباء والذي قارب علي شهر، الأطباء الذين كانوا يوصفون بأنهم ملائكة الرحمة لتخفيفهم آلام البشر وينقذون حياتهم. وبالرغم مني تقفز إلي ذاكرتي وسط هذه المأساة التي يعيشها المرضي صورة الطبيب التي سجلتها لنا أفلام الزمن الجميل وهم يفتحون عياداتهم وجيوبهم لفقراء المرضي وفي نفس الوقت تقفز صورته في هذا الزمن المادي البغيض وهم يتركون المرضي فريسة للفقر والمرض والموت لمطالب وعدهم المسئولون بتحقيقها بعد أن تسترد الخزانة عافيتها، ولكن لا مجيب! ولأسألهم هل ضمائركم مستريحة وأنتم تشاهدون الأطفال والشيوخ يعانون؟ هل تنامون وصور المرضي بانتظاركم علي أرصفة المستشفيات؟ وماشعوركم لو تعرض أحد أحبائكم لهذا الموقف؟! لنستغل هذه الأيام المباركة وندعو الله ان يفيق المصريون وأن يقي مصر من شرور ابنائها قبل أعدائها .