يأخذنى الحلم.. ينطلق بى من محرابى اللامرئى على جناحىّ طائر حرّ يجوب بى عوالم الأمل.. نحلّق معا فوق حواجز القهر وحدود الفرقة المسوّرة بأسلاك الخوف الشائكة.. المعبدة بالزيف المرسوم على الشفاة المتدلية خوفا.. والوجوه المقنّعة بالابتسامات الصفراء الشاحبة شحوب الموت.. يأخذنى الشوق.. أجوب الفضاءات.. أجتاز المستحيل على جناحىّ طائرى.. سيد محرابى الغارق بالسكون وتراتيل الرضا.. يحملنى فراشة حالمة.. إلى الوطن البعيد.. أدور حول قناديل الشجن وشموع الصبر النازفة وجعا.. علّى أرى ثمّة طيفاً لحبيب أو قريب أو نسمة مساء ربيعىّ.. أو كأس وصْل تطفئ لهيب الوجد المستعر فى عمق الروح.. لم أكن أدرى أنى أحطّّ فوق سماء بركان يعتمل حقدا وثأرا، كان آخره تصفية أسرة صديقة برصاص حقد لم يرحم حتى طفل رضيع.. بعد أن توسم الجميع الخير بعودة بعض من أمان.. ثأر غير مبرر لوطن خطيئته حضارة تشهد لها أبجديات التاريخ وما قبله وموقع استراتيجى محلّى بشهد الثروات، تحوم حوله أسراب ذباب.. أحداث وغوغائية توقظنى من حلمى الأخضر على كابوس، وصورة وطن تتناهبه خناجر التقسيم من جهاته الأربعة.. بواباته الأزلية مفتوحة لأخطبوطات تبحث عن فتافيت إمبراطوريات غابرة، تتصدرها الدولة الجارة الحالمة بعودة إمبراطورية فارس ومجد (كورش الكبير) مؤسس دولة فارس.. وها هم يحاولون اليوم إعادة تلك الإمبراطورية تحت اسم دينى يجعلها المرجع الأعلى لشيعة العالم، يستطيعون من خلالها التسلل إلى المجتمعات الأخرى، إلى أن يكشّرون عن أنيابهم فيما يطمعون إليه.. وها هى قد وصلت لبنان وسوريا وتحاول الوصول الى فلسطين باسم الحق والإسلام، وهى التى تضطهد كل ما هو عربى، بل وصل الأمر حتى إلى شيعتها العرب.. وحاولت - ولاتزال تحاول - أن تجد لها منفذا بين شعب مصر ومجتمعها دون جدوى.. فشعب مصر معروف بمناعته الشديدة لكل ما يؤثر على عقيدته وحضارته ونسيجه ذى (الصفة المتغلبة).. وكيف لا وهو الذى أثّر بالفاطميين ولم يتأثر بهم! حتى استبدلوا برغبتهم فى بناء مساجد خاصة لهم، مساجد عامة كان أكبرها الأزهر الشريف والكثير من المساجد الشهيرة.. لينتهى عصرهم بإرث معمارى للمسلمين جميعاً ولم ينته بطقوس فاطمية.. أما بالنسبة للعراق، فالعلاقة شائكة بينهما منذ عصور ما قبل التاريخ.. غزوات ومعارك وطموحات احتلال تنتهى بالهزيمة مهما طال الزمن، وها هى دورة صعود أخرى تبدأ فى العراق أتاحت لها الهيمنة والتغلغل فى المجتمع والدوائر الرسمية والمؤسسات الدينية.. والخوف كل الخوف من تسللها إلى النسيج الاجتماعى والحضارة التى تحاول جاهدة طمس معالمها.. والتأثير على القيم والتقاليد والعقيدة، ليصبح العراق نسخة مصغّرة من إمبراطورية (سادت ثم بادت)، تبحث عن سيادة جديدة تنطلق بها من أرض الرافدين.. تحت شعار أن الطريق إلى إسرائيل يبدأ من كربلاء.. وهى التى لم تطلق رصاصة واحدة نحو إسرائيل. صراع غريب يجتاح الجميع بعد إعلان «أوباما» انسحاب القوات الأمريكية من العراق.. صراع بين الرفض والقبول فى كل الأوساط.. فكيف لأمريكا الانسحاب هكذا.. والنار لاتزال تستعر؟؟ أليس الأجدر بها وهى التى أشعلت النار أن تطفئها؟ أليست هى التى أقامت الدنيا ولم تقعدها بسبب مفاعل إيران النووى؟ أين هى الآن من تلك الزوبعة؟؟ ثم ما سر هذه العلاقة بين الدولتين واحتلالهما العراق فى آن واحد؟ ونحن!! متى نعى أن الدبلوماسية الإيرانية المتمثلة بالابتسامات لا تتوقف عن مدّ أذرعها الأخطبوطية إلى أجزاء الجسد العربى؟ أسئلة تدور.. فهل من مجيب؟ هل من فارس يحمل فوق هامته سحابة خير تنهمر سلاما لتخمد بركان الحقد المستعر؟!