يا مصر يا بهية

أهرع إليكِ محمومة الهوى.. أختصر مسافات العتب ومحطات اللوم.. أحمل صِحافىّ الخالية.. أقيم صلاة استسقاء.. أستجدى مدرار مَطركِ الفضى يروى
الأعوام العطشى.. تورق أغصان الغد تطرح ثمار الأمل.. تغسل الخطايا المرسومة على جدران الحاضر..
أهرع أليكِ ملهوفة الخطى تعصف بى رياح الخوف.. أترجّل خاشعة يحدونى النبض المتسارع على إيقاع الرعشات الخجلى.. أجتاز رواق معبدكِ المقدس
إلى حيث محرابكِ المسكون بالأساطير والعجائب.. المفروش بزهور(اللوتس والياسمين).. أستنشق مِسْك ضفيرتيك الليليتين.. أتشبث طفلة فى أحضان دفئكِ
المضمخة حنانا.. أنفض تراب الغربة.. أخطف البشائر المشرقة على جبينكِ الخمرى.
أهرع اليكِ حين أغصّ بالوحدة.. فأين ولمن أهرع إن غصصتُ بكِ؟؟
أهرع اليكِ يمامة مكسورة الجناح أحوم حول معبدكِ الأزلىّ الغارق بموجات العشق ونسمات الإرادة المحمولة على أجنحة وفاء (إيزيس) للحبيب (أُزوريس) تسبقنى (عشتار) مابين النهرين.. تطبع على فمكِ العنبرى قبلة الحياة والربيع والخصب.. تحيطكِ بالتمائم البابلية.. يتبعها (تموز وأزوريس)حاملان روحيهما قربانا لسيدة محراب الحضارة والنور..
تدق النواقيس.. تقرع الأجراس تستنجدك أن «قُومِى».. استيقظى من غيبوبتكِ السرمدية أَوْقدى قناديل الحرية تضىء ليل الصمت.. «قُومِى».. فالخيل كَبت والفرسان تعثرت.. «قومى».. لتجلى ظلام الباطل قبل أن تشطح بنا تخاريف اليأس. «قومى».. استعيدى (خلخالك) المرصع بالكبرياء تهتز على صدى رنّته الأرجاء.. «قُومِى» فكّى ضفائرك.. انثريها فوق أكتاف الكون.. «قومى».. فالعفن يزحف على جدران المعبد.. والعطن يمتص النقاء.. والفساد يستشرى فى صفحات سِفرك البلورىّ. «قومى».. قبل أن يعيد الشرير(ست) أخاه (أوزاريس) إلى تابوت النهاية.. قبل أن يهزم الثور (جلجامش) وتُمزق فصول الملحمة.. قبل أن يأتى يوم لا تنفع فيه يقظة أو قيام.
«قُومِى».. أوقفى مهازل الشتائم المنطلقة من أبواق صحافة الرخص الصفراء واقطعى ألسُن الثعابين المقتحمة بسمومها الأبواب المغلقة على أسرار الغافلين والمحصنات.
«قُومِى».. أعيدى ميزان القيَم الراقص على نشاز الفجور والقبح.. والمبادئ العارية من رداء الفضيلة.. حيث أبناء تصفع آباء.. وآباء تخضع لأبناء..
قوى يلتهم ضعيف.. وحقير يعلو على كبير.. غنى يسحق فقير.. والضيافة ابتزاز.. الكسب استجداء.. الصداقة رياء.. الابتسامة نفاق.. ذوى رحم غرباء.. والأجانب أقرباء.. الحدود.
أشواك.. وتأشيرة الدخول المستحيلة (الفيزا) هوية تعريف وتجريح للأشقاء.. مطارات تعجّ بسماسرة ألقاب تنطلق من أفواه التملق والسخرية.. وبراءات اختراع تبرأت من العلم والأدب راحت تطالب بدروس الرقص الشرقى يتمايل على الأجساد فى أكاديميات الفنون.. . ومهازل عهر (شاتات) وقرصنة وموت ضمير..
«قُومِى».. أوقفى مهزلة الفرقة بين (مصرى) و(عربى) فى الفنادق وتذاكر الطيران الداخلى والعيادات الطبية والمستشفيات ودهاليز النصب فى الشقق المفروشة غير الخاضعة لرقابة أمنية أو قانون..
« قُومِى».. أوقفى مسلسل القتل اليومى المعلن وغير المعلن وسيل دماء متفجر من شرايين أبرياء.. ومهازل غش دوائى وانعدام رقابة وفساد قمح ولحوم.
«قُومِى» فالظلم يستعر والأنفاس تتحشرج فى حنجرة الصبر والضجيج يصمّ سمع الحقّ والفوضى تفقأ عين السكون.
«قُومِى» مولاتى عروس الزمان.. استيقظى.. اخلعى أكفان السبات وارتدى طرحة العزّو (جلابية) الحضارة وافتحى الأبواب سلاما وأمانا للداخلين على هوادج الولاء..
«قُومِى».. . يا «مصر يامّه يا بهية يا أم طرحة وجلابية».. .
«احتمالك هو هو
وابتسامتك هى هى»
«تطلع الشمس تلاقيكى معجبانية وصبيه
يا بهيه»
شعر أحمد فؤاد نجم