لا أعتقد أننا كنا بحاجة إلي جرس إنذار ينبهنا إلي أهمية أن تكون لمصر علاقات متينة ومتطورة مع الدول الافريقية الشقيقة بصفة عامة، ودول حوض النيل علي وجه الخصوص. فتلك قضية بالغة الأهمية بالنسبة لمصر، ومن المفترض، بل واللازم، أن تكون في مقدمة الأولويات بالنسبة لسياستنا الخارجية، نظرا لكونها أحد الأركان الأساسية للأمن القومي لمصر، منذ نشأة وقيام الدولة المصرية علي ضفاف النيل في الشمال الافريقي. ولذا فمن الخطأ أن يتصور البعض ان الزيارة الأخيرة، التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو إلي بعض الدول الافريقية في حوض النيل، بوصفها اشارة حمراء تنبهنا إلي أهمية افريقيا، وضرورة وجود علاقات مصرية افريقية قوية، وعدم السماح لأحد بالتأثير علي هذه العلاقات. ولكني بالرغم من ذلك، أحسب ان علينا إدراك الحقيقة التي تؤكد، أن علاقات الدول لا تقوم علي الأمنيات الطيبة والنوايا الحسنة فقط، ولكنها تقوم بجوار ذلك ومن قبله وبعده علي المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة، التي تدعم العلاقات وتقويها وتحولها إلي واقع ملموس علي الأرض. والعلاقات المصرية الافريقية ليست خارج هذا السياق وتلك الحقيقة، بل هي في قلبها، ولذا فإنها تحتاج منا إلي جهد متواصل وعمل مكثف لدعمها وتقويتها، كي تقوم علي أسس سليمة وواقعية من المصالح الاقتصادية والتجارية المتبادلة والمشروعات المشتركة، في إطار خطة واضحة ومحددة المعالم والاتجاهات. وفي هذا لا يجب ان يقلقنا تحرك إسرائيل أو غيرها في القارة الافريقية،..، ولكن ما يجب ان يقلقنا حقيقة هو عدم تحركنا القوي في القارة الافريقية، وغيبة أو ضعف التعاون المشترك والمشروعات المشتركة بيننا ودول القارة.