تلقينا بمزيد من الألم، كما قابله عميق من الرفض ما نشرته وسائل الإعلام عن فيلم يسئ إلي الإسلام ونبيه ورموزه، ويظهر في هذا الفيلم وعرضه ما يحمله من حملة رديئة لاتقبلها الأديان عامة، وكذلك المسيحية خاصة، كما تستهدف منه الإساءة إلي المعتقدات والاديان والتي تبث روح الفرقة بين الشعوب، وتنم عن عدم المحبة التي هي أساس الإيمان المسيحي، فالمسيحية تبني علي أساس الله إله واحد، وأن محبته من كل القلب، وهذا يقتضي محبة القريب والأخ في الإنسانية »الرب إليهك رب واحد.. وتحب الرب من كل قلبك.. ومن كل فكرك.. ومن كل قدرتك.. وقريبك مثل نفسك« »تث 6:4« فإن اخوتنا المسلمين هم أحباؤنا وأقرباؤنا كما يعلمنا الكتاب المقدس في الرسالة إلي كورنثوس الأولي »1كو 13« المحبة هي أعظم وصية ومن خصائصها المحبة لا تقبح ولا تظن السوء ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق. المحبة لا تسقط أبدأ »1 كو 13: 6«. ونري في الكتاب المقدس انه لا يقبل الشتيمة أبدا، فليس شتامون يدخلون ملكوت السموات« ويؤكد ضرورة إحترام الإنسانية لأخيه الإنسان »من قال لأخيه يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم« »مت 5:22« هكذا علمتنا الموعظة علي الجبل التي هي قوانين ملكوت السموات والكتاب يعلمنا الكثير عندما يتعامل ابناء الكتاب المقدس مع اصحاب ديانات اخري مثل سليمان مع ملكة سبأ، ودانيال مع ملوك متعددة، كانوا دائما يحملون لهم كل محبة و احترام مما جعلهم يحظون بثقتهم الكبير وتوليهم أمور متعددة، فإن المسيحية تعلم محبة الاخرين وتحترم معتقداتهم ولا تسئ إليهم لا بالقول ولا بالفعل.. ونحن عندما نتأمل رسالة الأديان نجد أنها تؤمن بالإله الواحد الواجب عبادته. تؤمن بقدرته وانه خالق السماء والارض، ويعلم الوصايا والفضائل،، والإيمان باليوم الآخر، والحساب. فالأديان لها مناهج متعددة ولكنها تؤمن بالكثير من نقاط التلاقي التي نؤمن بها نحبها ونحترمها.. وعندما نعيش في ظلالها ينعم الانسان بالسلام والرخاء ويكون له سعادة الأرض وراحة السماء. ونحن إذ نري ان مثل هذه الافلام هي سياسة مغرضة تحاك في الخفاء وينفذها البسطاء في العلانية تهدف إلي عداوة الشعوب وضرب وحدتها وتهديد مصائر أولادها دون أن يدري البسطاء خطورة ما يفعلون. ولا شك ان هذه الافلام المغرضة التي تخلت عن مخافة الله ومحبة الإنسانية، إنما تهدف إلي تمزيق النسيج الواحد لأوطاننا التي تتميز بالتعددية، لا للفرقة، ولكن لكي ما تعطي لكل حق في الفكر وحرية التعبير لكي ما تقدم نوعا من الجمال التي تتميز به حدائق كثيرة متعددة الازهار ومتنوعة في أشكالها، لا لكي ما نتصارع ولكن لكي ما تعطي جمالا للمجتمعات تثمر تنمية الشعوب وسلام التعايش والاحترام المتبادل، ان الاذان للصلاة مع اجراس الكنائس تقدم للعالم ومجتمعاته المختلفة سيمفونية الحب. وكذلك عندما يتعانق الصليب مع الهلال. إننا ندرك انه لاشك ان هناك اعداء كثيرين يتربصوت بوطننا العربي الذي ينشد الاستقرار والحرية والتنمية وحل مشكلاته التي من اجلها قامت ثورتنا المجيدة، فنري في كل آونة وأخري يلقي بنيران فتنة لكي ما تتعطل المسيرة وتتأجج العداوة وتزيد الخسائر وننشغل عن هدفنا الأسمي وهو رفعة أوطاننا الذي تهدف وحدتنا الوطنية. التي ضربت مصر اعمق امثالها عبر التاريخ فنحن ندرس في تاريخنا عمق ايماننا بوحدتنا الوطنية منذ أكثر من سبعة آلاف سنة ومنذ أن قام الملك مينا موحد القطرين ونحن نعيش وطنا واحدا وشعبا وحدا ولم نسمع يوما بمحاولاتا لفرقة والتمزق التي نحن حريصون عليها. وينبغي علي كل مصري مسلم أو مسيحي ان يحافظ عليها فهي اهم دعامات سلامنا الاجتماعي وحل مشكلات وطننا. إننا أعضاء المجمع المقدس والاراخنة اعضاء المجلس الملي العام وهيئة الاوقاف القبطية منذ اللحظة الاولي التي علمنا فيها بهذا الفيلم المشين اعلنا في اجتماع غير عادي شجبنا لهذا الامر الذي فيه إزدراء للأديان والاساءة إلي رموزها، وان هذا الامر يتعارض مع المسيحية وتعاليمها وانه يجب ان يحاسب كل من يثبت مشاركته في انتاج هذا الفيلم أو عرضه والترويج له. لأن فيه خروج من التعاليم بالمسيحية، بل وكل الاديان واكدنا في لقاءاتنا المتعددة ضرورة الحرص من الذين يشيعون الفرقة، ويوقدون نار الكراهية لكي ما نحافظ علي وطننا العزيز مصر. بل وكل الشعوب العربية وكل العالم لكي ما ينعم بالسلام والاحترام المتبادل. اننا في مصر الحبيبة نعيش معا ندرك اهمية وحدتنا الوطنية ولنا في التعاون المشترك مع الازهر الشريف وبيت العائلة الكثير من المواقف التي تؤكد حقيقة وحدتنا وضرورة السهر علي سلامة وطننا والعمل علي تأكيد مواقفنا التي يلمسها كل ابناء وطننا في مساجدنا وكنائسنا. إنني يا أحبائي أدعو كل ابنائنا ان نكون حريصين علي قوة وحدتنا وسلام نسيجنا. إنني ومعي ابناء الكنيسة في العالم كله نشجب مثل هذه الاعمال التي لا تتفق مع الوصية المقدسة ومن جهة أخري أناشد كل الاحباء ان حرية التعبير السلمي مكفولة للجميع ولكي نحافظ علي سمعة وطننا والحرص علي الملكيات العامة والخاصة وكذلك المحافظة علي ضيوف أوطاننا الذين اتوا، ونقدم لهم دروسا في احترام الآخر ودماثه خلفا وكرم الشرق الذي نعيش فيه وقد كانت مصر علي مر الاجيال ملجأ للمتألمين فأتوا واحتموا بها، ولقد تباركت مصر بقدوم الانبياء العظام اليها مثل إبراهيم ويوسف وموسي واختار السيد المسيح والعائلة المقدسة مصر لكي تأتي إليها تاركة هيرودس وكل اعدائه لأنها رأت في مصر ارض السلام والأمان. ولقد بارك الله مصرنا الحبيبة حينما قال في الكتاب المقدس مبارك شعبي مصر »ا ش 19: 25« ان هذه البركة الإلهية سوف تظلل علينا ونذكر وحدتنا فلم يقل »شعوب مصر« فتهب لنا سلاما وحلا لمشاكلنا وتحقيقا لبرامج تنميتنا، وليهب الرب سلاما لمجتمعنا. إننا ندرك ان ابناءنا الرعاة والاراخنة و رموزنا القبطية المنتشرون في العالم يظهر مدي اهتمامهم بمصر وسلامها ووحدتها وأنهم دائما سفراء حقيقيون كما عهدنا بهم دائما.. ويعملون معنا لرفعة مصرنا الحبيبة وإظهار هذا الوطن العزيز بالمظهر دائما. وندرك صدق وطنيتهم وإخلاصهم لذلك لن تفوتهم الفرصة بأن يعلنوا هذا الامر لكل إنسان في الوطن الذي يعيشون فيه ويشجبوا مثل هذه الاعمال غير اللائقة فإنهم وان كانوا تركوا مصر، ولكن مصر تعيش فيهم أينما ذهبوا.. كيفما تكلموا وعملوا، لأن الأمانة وصية لازمة »كن أمينا إلي الموت فسأعطيك إكليل الحياة«. وكل من يخرج عن محبة الوطن مصر يخرج عن محبة كنيسة مصر. أناشد أخوتنا من كل شعوب أوطاننا العربية أن نتعامل جميعا بالحكمة.. وكذلك اناشد المجتمع الدولي انه يجب ان يصدر قانونا دوليا يجرم الازدراء بالأديان والاحترام الكامل لكل إنسان في عقائده ويكون هذا الامر واجب عالمي فإن كنا ندافع عن حرية الشعوب وقوانين جرائم الحرب، فكم بالحري جرائم التعدي علي المعتقدات الدينية ورموزها التي يجب ان تستحق منا كل الاحترام والتوقير التي هي أساس بنيان المجتمعات كما نؤكد تأييدنا الكامل للسيد الرئيس محمد مرسي في موقفه إزاء شجب هذه التصرفات غير اللائقة وشجب هذا العمل المشين وكذلك فضيلة الإمام أحمد الطيب ودائما نؤكد ان مصر وطن يعيش فينا أينما ذهبنا وكيفما تحدثنا.