مراجع كثيرة منها «المياه والسلام وجهة نظر إسرائيلية»، و»الأطماع الإسرائيلية في المياه العربية»، و»الغزو اليهودي للمياه العربية» تناولت مشروعات كبري لإسرائيل والأردن لربط البحر الميت بالبحرين المتوسط والأحمر. وتعود فكرة المشروع اليهودي لربط البحر الميت بالمتوسط للمهندس السويدي «ماكس بوكارت» عام 1899 وتتلخص في استغلال فرق المنسوب بين البحرين وقدره 400 متر لغرض إنشاء محطات كهرومائية، وقد عرضت الفكرة علي قادة الحركة الصهيونية ليتبناها «هرتزل» عام 1903.. وبدأت الاتصالات بالحكومة الأمريكية لدراسة جدواها وعليه أوفدت وزارة الزراعة الأمريكية خبيرها بالري بروفيسير»روزماي» لدراسة الفكرة عام 1937 خلال الاحتلال البريطاني لفلسطين، لتزيد أهميتها بعد حرب 73.. ووضع لجان عالم الذرة الإسرائيلي «بوقان نوتمان» خمسة مقترحات، اختاروا منها مُقترح مسار القناة من «القطيف» بالنقب الشمالي وجنوباً ل»بئر سبع» حتي «البحر الميت» عند «عين بوكاك».. وتم تدشين المشروع في أغسطس 1981، حتي أضطرت إسرائيل لتجميده عام 1984 لارتفاع تكاليفه وقلة المساعدات المالية. وعلي صعيد آخر ونظراً لتخوف الأردن من جفاف مياه البحر الميت بحلول عام 2050 في ظل افتقارها الشديد للمياه، اهتدت لفكرة مشروع ربط البحر الميت بالأحمر، والمقرر أن يضخ مليار متر مكعب سنويا من مياه البحر الأحمر إلي البحر الميت بالقرب من خليج العقبة لارتفاع 220 متر، لتُنقل لسفوح جبال «أدوم» عبر أنابيب بطول 220كم، لتسقط المياه في البحر الميت، تُستغل بواسطة أربع محطات لإنتاج الطاقة الكهربائية.. ورفضت إسرائيل في البداية بحجة أن الأردن لا يمكنها تنفيذ المشروع بمفردها لأسباب تتعلق بالقانون الدولي رغم عدم إلتزام إسرائيل في مشروعها بتلك الأسباب. ولحاجة إسرائيل الشديدة للمياه والطاقة وتوسع الاستيطان فكرت في الدعوة لمشروع يشمل الجمع بين المشروعين، وأطلقت عليه «المشروع الإقليمي» المُعدل وقد تستفيد منه كقناة محدودة أسموها «قناة البحار» تصل البحرين المتوسط بالأحمر عبر البحر الميت.. إلا أن المغزي الأساسي هو تحقيق أهداف اقتصادية وعسكرية واجتماعية أهمها الحصول علي حصة أكبر من المنح المالية تفيد مشروعها الأصلي بالبحر المتوسط.. وتطوير منطقة «عرابة».. وإقامة (بِرَك) شمسية علي نطاق واسع تُستخدم كمصدر للطاقة الكهربائية ولتحلية المياه.. واستخدام أجزاء من مجري القناة المائية عسكرياً كمانع طبيعي.. وإقامة بحيرات اصطناعية لأهداف سياحية، ومستوطنات يمكنها استيعاب اليهود الجدد وتوفير فرص العمل لهم بالمشروع.. ورفع مستوي المياه بالبحر الميت بعد انخفاضه 8م نتيجة لارتفاع مستوي التبخر فيه، وانخفاض المياه المتدفقة من نهر الأردن والمُستخدمة زراعياً وصناعياً. أما آثاره السلبية فتتلخص في الإضرار بالمناطق الزراعية في الضفة الغربية ومنطقة غور الأردن.. والإضرار بمنشآت البوتاس الأردنية.. وخطورة تسرب المياه المالحة للينابيع العذبة الجوفية.. ويمر القسم الأكبر للأقنية المائية للمشروع بالأراضي الأردنية وبعيداً عن ميناء إيلات الإسرائيلي في حين أن المشروع الأردني يمر بالقرب منها.. وأن زيادة نسبة الملوحة 8 مرات عن البحر الأحمر سيؤدي لترسب الجبس نتيجة اختلاف نوعية التركيب الأيوني في مياه البحرين.. وأن نقل كميات كبيرة من مياه البحر الأحمر سيؤثر بلا شك علي التيارات المائية البحرية والتي بدورها ستؤثر علي الموانئ البحرية للدول المجاورة وكذلك علي صيد الأسماك وغيرها.. فضلاً عن أضرار بيئية أخري صعب التنبؤ بها الآن ولكنها قد تؤدي لإحداث تغيرات في التوازن الطبيعي للكرة الأرضية. وبين ضغوط القبول والرفض ورغم التحذيرات المتكررة من عواقب هذا المشروع السلبية أكثر منها إيجابية علي البيئة الأردنية وقعت الأردن وإسرائيل علي المشروع في فبراير 2002، ثم وقعتا مرة أخري في فبراير 2005 لتدشين المرحلة الأولي منه.. وعلي صعيدٍ آخر أكدت الدراسات أن طبيعة خليج العقبة ومخرجه والأرض المُنتظر حفرها أنها لا تسمح بعبور سفن ضخمة كتلك التي يمكنها العبور بقناة السويس. كتبت في هذا الموضوع ارتباطاً بما بُث تليفزيونياً أول أمس من قِبَل شخصية عامة معروفة، وما نُشر بمقالات صحفية في محاولة للربط بين وضع جزيرة «تيران» ضمن الحدود السعودية وبين مشروع «قناة البحار» كمؤثر سلبي علي قناة السويس.. فضلاً عن أن إسرائيل لا تنتظر إذناً ولا معاهدات ولا ترسيم حدود دولية لتنفذ مُخططاتها، فإن أرادت واستطاعت لا تتردد، ودون اعتبار لأحد.. وإن كنت كرجل عسكري درست وتابعت الموضوع منذ كنت بالخدمة كأحد الموضوعات التي تمس الأمن القومي المصري مباشرة وتؤثر عليه، فما بالك بالأجهزة المتخصصة بالدولة. لا أقلل من شأن أي خطر علي بلادنا، ولكن أحاول دائماً أن أعيد توجيه الجهود الرامية لغرس نظرية المؤامرة في الأذهان إلي جهود تعمل علي دراسة ومتابعة الموضوعات المؤثرة علي الأمن القومي بعلم وتفكر بإعداد السيناريوهات المناسبة، وليس كأدوات للتشكيك والتخوين. كاتب المقال: زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا و إستشاري الأمن القومي والدفاع