تظل أرواح الناس داخل أردية الجسد حتي يعشقوا، فإذا أحبوا نبتت للروح أجنحة، وأنشقت جدران القلب ،وطار النسر الجميل نحو قمم الجبال البعيدة وفي العشاق من تعود أرواحهم بعد رحلة الصعود وفيهم من تضيع أرواحهم هناك، ويبدأ بحث الانسان العاشق عن روحه، ينادي روحه.. يرن الصوت وسط الجبال المتأبدة الموحشة، ويجئ الرد نفس السؤال..تحمل الرياح صدي الصوت وتضرب به صخور الجبال وتعيده الي صاحبه، وينغرس خنجر الوحشة في القلب، وتحتشد جيوش التعاسة، ويبدأ حفل الحنين المهيب ،يجلس العاشق أمام مائدة الذكريات واجما صامتا لا يأكل، تهب رياح خفيفة تحمل بعض عطرها السجين فتستيقظ ذاكرته يتلفت حوله.. يمد يده الي الطعام فلا تصل يداه إليه لقد فكر أنه قد شبع فجأة، لم يعد جائعا، وإنما يحس بالعطش، يبكي شوبان في كونشرتو البيانو الاول، فيشرب العاشق دموع الموسيقي ويزيد احساسه بالعطش.. انتهي الأمر وصار الكون كله عدوا له. كل نسمة هواء تذكره بشئ يذكره بها ،كل ورقة تسقط من شجرة تعيد اليه صورة قلبه وهو يسقط، كل صوت يعيد إليه صوتها، كل صمت يذكره بصمتها.. آه ،اي صوت مسكر كان صوتها، ويرفع الوقت في يده سيف اللا معني ويضرب به جذور الابتسام وعلاقات البهجة وتنفصل الخيوط بين النجوم والقمر والسحاب والبحر، فيتوقف البحر عن تنفسه ويموت.. تجمدت الامواج وثبتت كل موجة في وضعها، وضاع معني الملح والحب ماذا تفعل وحدك أمام البحر ؟ أصلي صلاة قصيرة من الندم .. لا يكفي الندم.. واجبك أن تتعذب قليلا.. كم ضربة سوط تحتمل ..؟ أي عدد يعيدها اليّ .. ضحك ضميره لسذاجته ،أدار ظهره للبحر وسار نحو الصحراء، يسير وراء شبح ابتسامته، تحت شمس محرقة يستلقي جسد الضحية ،يقف الجلاد بالسوط ويضرب ... ماذا كان لون شعرها ؟ يرتفع السوط ويهوي، ماذا كان نوع عطرها ؟ ينشق اللحم عن جدول رفيع من الدم تنبت علي شاطئية زهور الألم، كانت هناك شجرة ياسمين أمام البيت، وقالت هي : إنها تريد شجرة ياسمين مثلها.. لما لا تزرع شجرة ياسمين، لا تتوجع مثل ناي فصلوه عن شجرته فغني للناس وهو ينتحب، لا تبتئس فسوف نسمعك لحنا يسعدك ..هل تحممت بعطر وتنشفت بنور...؟ تتراءي صورتها وسائد الألم فيضع رأسه عليها لينام، يرتفع السوط ويهوي ليذكره أن النوم لم يعد صديقا.