صدر مؤخرًا كتاب " الدين والتدين: التشريع والنص والاجتماع"كتاب جديد للمفكر عبد الجواد ياسين، الصادر عن دار التنوير اللبنانية. يناقش الكتاب كيف أن "الدين" حقيقة مطلقة قادمة من خارج الاجتماع، غير قابلة للتغير، في حين يشير تاريخ الأديان التوحيدية إلي ارتباط وثيق بين الاجتماع والدين. خصوصًا في التشريع، أكثر ما يعبر عن تدخل الاجتماع في الدين، فهل يمكن للاجتماع الذي يعالج معطيات نسبية متغيرة أن يكون جزءًا من الدين كحقيقة مطلقة؟ فالتشريع المرتبط بالتاريخ، يختلف عن الأخلاق الكلية ، المطلق الوحيد في الدين، وعلي امتداد التاريخ تراكمت حول النص منظومات من الرؤي والمفاهيم والأحكام، مكونة ثقافة دينية أوسع من منطوق البنية الدينية التي يقدمها النص، وصارت مفردات هذه الثقافة التي أفرزها " التدين" جزءًا من الدين في ذاته. ومن خلالها تسربت إلي الدين عقائد وتكاليف ذات دوافع سياسية واقتصادية، فضلاً عن نزوعات الغرائز البدائية التي تدفع إلي الكراهية والقتل. وعلي مستوي الديانات الثلاث وفي كثير من الحالات كان هذا التسرب يتخذ شكل النص أي الوحي المتحول علي الله، عمدًا أو علي سبيل الخلط الناجم عن تداخل المفاهيم. وهكذا أدي التدين إلي تضخيم الدين، بحيث صار ما هو اجتماعي أكبر مما هو مطلق في منطوق البنية الدينية، التي تعمم علي مكوناتها تلقائيًا صفة القداسة المؤبدة.