القوات الروسية قلبت معادلة الحرب على الارض فى سوريا لصالح بشار مازالت الولاياتالمتحدة تؤكد حتي اليوم انه لن يكون هناك حل عسكري للصراع السوري ولكن هناك فقط حل سياسي بين الرئيس بشار وجماعات المعارضة. ولكن بعد أيام من القصف المكثف الذي يمكن أن يعيد مدينة حلب إلي قبضة الأسد، اثبت الروس خطأ واشنطن الكبير. الوضع الجديد علي الارض جعل مسؤول اميركي رفيع يعترف منذ ايام. قد يكون هناك حل عسكري ولكنه « ليس تصورنا للحل ولكنه الخيار الذي فرضه الرئيس الروسي بوتين علينا». هذا هو ما يواجهه جون كيري وزير الخارجية الامريكي وهو يدخل مفاوضات حرجة بدأها منذ يومين في ميونخ حول وقف إطلاق النار وإنشاء ممر إنساني لانقاذ السوريين الذين يعانون الجوع في 12 مدينة تحاصرها قوات الأسد. فالتدخل العسكري الروسي غير شكل الصراع - احدث فجأة نوعا من الزخم لبشار وحلفائه في الوقت الذي اصبح فيه المتمردون الذين تساندهم واشنطن مفككين. وإذا تم التفاوض علي وقف إطلاق النار حاليا فإن الكفة ستميل لصالح الاسد لانه يسيطر حاليا علي المزيد من الاراضي. المشكلة ان كيري يدخل المفاوضات هذه المرة بنفوذ محدود للغاية وخيارات قليلة..فالروس قطعوا العديد من المسارات التي كانت تستخدمها الاستخبارات الامريكية لتسليح الجماعات المتمردة بشكل سري. ويقول أنصار كيري انه شديد الاحباط من المستوي الهزيل للنشاط العسكري الأمريكي في سوريا والذي يعتبر ضرورة أساسية لدعم موقفه التفاوضي.. ويبدو كيري مدركا لهذه المشكلة عندما قال مؤخرا نحن جميعا ندرك تماما صعوبة الوضع الحرج الذي نحن فيه. من ناحية اخري فإن لدي زملاء كيري في الإدارة مخاوف من أن تكون الجهود المضنية التي بذلت علي مدي 3اشهر منذ بدء العملية السياسية في سوريا علي وشك الانهيار. واذا فشلت هذه الجهود سيضطر كيري وأوباما للعودة إلي الخطة ب وتتمثل قي نشاط عسكري ضخم ضد الاسد. ولكن المشكلة ان هذه هو ما ظل أوباما يتجنيه لخمس سنوات خوفا من احدي الجماعات المتشددة التي لا يثقون بقياداتها..وبدون حل سياسي أو تصعيد عسكري فلن يبقي لامريكا ليس فقط سوي القليل من التأثير علي مسار الحرب السورية ولكن ايضا غياب استراتيجية قابلة للتطبيق لجمع كل الأطراف المتصارعة معا لمحاربة داعش. وكان كيري قد وصل إلي ميونيخ لعقد اجتماع آخر للدول ال 17 التي وافقت الخريف الماضي علي مبادئ للحل السياسي في سوريا.. وقد اشتكي عدد من حلفاء واشنطن من السياسة الأمريكية وقالوا ان امريكا كانت غائبة في الوقت الذي قام فيه الروس بتغيير طبيعة الوضع علي الأرض. فقد استغل لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي قرب تقاعده ليركز الانظار مرة أخري علي الثقوب في الخطة الأمريكية في سوريا عندما وصفها بأنها غامضة. في الوقت نفسه نشب خلاف بين واشنطن والاتراك الذين يتهمون واشنطن بتمكين الأكراد. فقد انتقد الرئيس التركي أردوغان واشنطن لفشلها في عدم إعلانها الاكراد السوريين كمنظمة إرهابية. وقال «هل تقف واشنطن إلي جانبنا ام إلي جانب حزب الاتحاد الديمقراطي الإرهابي ومنظمات حزب العمال الكردستاني؟» في إشارة إلي الدعم الأمريكي لأعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في الحرب ضد داعش في سوريا. المأزق الفعلي الذي تواجهه الادارة الامريكية هي أن المغامرة العسكرية الروسية التي وصفها بأنها سوء استعراض للعضلات قد ساعدت الأسد إلي حد كبير في استعادة المدن الرئيسية التي يحتاجها لإحكام قبضته علي السلطة.. اما المعارضة التي تدعمها واشنطن فهي اقل معدات وتسليح وتفتقر إلي التوحد وكل منها له مصالح قتالية متعارضة تجعلهم يتحاربون فيما بينهم. ورغم أن الموقف الامريكي لايزال مصرا علي رحيل الأسد الا ان كيري ومساعديه لا يقولون متي يجب أن يحدث ذلك. كما توقف حديثهم بشكل كبيرحول العثور علي منفي هادئ للاسد ونتيجة لذلك فمن الصعب علي الادارة الامريكية تقديم تصور لنهاية الصراع في سوريا.