د. شوقى السىد قالوا لنا عن الصحفيين إنهم »سحرة فرعون«، ثم قالوا لنا عنهم إنهم »متحولون« وإن قذائفهم في وجه الجماعة وذراعها السياسية قد أساءت إليهم ظلما وعدوانا، ثم قالوا لنا إن لديهم قائمة بأسماء الاعلاميين والاموال التي يتقاضونها خدمة للثورة المضادة، ومضت جلسات المجالس النيابية »الشعب.. الشوري في مناخ سياسي صاخب« بدءا من خلاف حول أداء القسم.. ثم استفزاز وتشف.. تنطلق فيها القذائف والاتهامات والاصرار علي العزل والاقصاء، إلي أن وصفت المحكمة الدستورية العليا مجلس الشعب في حكمها »بالانحراف التشريعي« وعدم دستورية قانون الانتخابات واعتبرته منحلا وهلل الرأي العام فرحا، بعدها تقرر دعوته للانعقاد، ففتح الباب الصدام بين السلطات والاضطراب والفزع في المجتمع، إلي أن أكدت المحكمة الدستورية العليا علي حكمها بالبطلان.. والحل.. فأزالت عقبة التنفيذ، وأخيرا منّ الله علي عبده بالاعتراف بحكم القضاء واحترامه. والأمس القريب حكمت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون الانتخاب وبطلان النظام الانتخابي بأكمله سواء الثلثين أو الثلث، وهو ما أفرز حتما، وبحكم اللزوم سقوط مجلس الشعب وبموجب حكم الدستورية، واعتباره منحلا بقوة القانون ونفاذا لحجية الحكم، ودون حاجة إلي أي إجراء سواء بصدور قرار من المجلس العسكري أو غيره، ومع ذلك نادي بعض السياسيين والقانونيين وأصحاب الاتجاهات المعروفة بعودة المجلس.. أو عودة الثلثين وإعادة انتخاب الثلث، وآخرون يدعون للاستفتاء بغير نص أو اختصاص، ويبتدعون الحيل والحلول وهي كلها ساقطة مع سقوط المجلس.. والساقط لايعود!! ومع مسلسل الغرابة التي تحدث في البلاد، فلقد تغافل مجلس الشوري عن كل ذلك واستمرت جلساته في الانعقاد.. سواء قبل حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان نظام الانتخاب بأكمله واعتبار مجلس الشعب منحلا أو بعده، وظل مجلس الشوري بعدد أعضائه »المنقوص« يجتمع بالمنتخبين فقط وفقا لنظام انتخابي باطل، ولم يعين بعد الثلث الباقي من الأعضاء أي 09 عضوا بالتمام والكمال، ومع ذلك اجتمع مجلس الشوري منذ فبراير الماضي واختار الرئيس والوكيلين ورؤساء اللجان وعقد جلساته.. وصال وجال.. كلام في كلام.. بعد أن عزلت عنه اختصاصاته وعاد به واضعو الإعلان الدستوري، إلي سيرته الأولي منذ عهده الأول في عام 0891، لتصبح اختصاصاته كلام في كلاما دون أي اختصاصات رقابية أو تشريعية مطلقا!! لكن الأخطر من هذا وذاك، استمرار مجلس الشوري المنقوص من حيث العدد.. والمعزول عن اختصاصه، في استمرار عقد جلساته، حتي بعد الحكم بعدم الدستورية وبطلان النظام الانتخابي لمجلس الشعب، بل وبعد احالة قانون انتخابه ذاته إلي المحكمة الدستورية العليا، وهو ذات القانون الذي تم انتخابه علي أساسه.. وبما من شأنه أن يسقط النظام الذي أتي بالمجلس وأعضائه، ويجعل وجوده وتشكيله باطلا بغير حكم.. حتي ولو كان حكم المحكمة الدستورية العليا مقصوراً علي مجلس الشعب، خاصة بعد إحالة قانونه إلي المحكمة الدستورية العليا أيضا، لأن النظام الانتخابي واحد.. والمبدأ واحد.. والحكم واحد.. وأن حجية الحكم بعدم الدستورية وبطلان النظام الانتخابي له حجية مطلقة وملزمة لجميع السلطات بالدولة، بما في ذلك المجلس العسكري باعتباره مسئولاً عن إدارة شئون البلاد.. وأيضا رئيس الجمهورية.. وكذلك السلطة التشريعية ذاتها.. والسلطة التنفيذية.. أيضا السلطة القضائية.. دون حاجة إلي اتخاذ أي اجراء. وإذا استمر مجلس الشوري في عقد جلساته ولم يغلق أبوابه.. وظل مترقبا قرارا أو حكما باعتباره منحلا، فإنه في أقل القليل عليه أن يرفع جلساته.. وعليه التوقف عن ممارسة اختصاصاته، التي لم يعد لها قيمة من قريب أو بعيد، حتي لو كانت السوابق تقول لنا إن رئيس البلاد قد يصدر قرارا بإهدار الحكم، لأن غلق أبواب المجلس، يعني اعمال الشرعية وحماية للمال العام في ذات الوقت، وإنقاذ المبالغ التي تصرف للأعضاء بالملايين عن جلسات لم يعد لها أي قيمة، خاصة بعد أن وافق علي إقرار الخطة والموازنة، وهو الاختصاص الوحيد الذي بقي من اختصاصاته السابقة، وصارت جلساته مكلمة لم يعد الشعب في حاجة إليها.. بل في حاجة إلي الأموال التي تصرف عليه ولأعضائه، وحتي يتم انتخابه انتخابا صحيحا وتعود له اختصاصاته التشريعية والرقابية كاملة، كما كان مجلس الشيوخ قديما في دستور 32، ودستور03 وحتي قيام ثورة 2591. بل ومن الغرائب والعجائب في سابقة غير مسبوقة، أن يفتح مجلس الشوري باب التعيين لرؤساء تحرير الصحف القومية، ليقف كل منهم في الطابور يحمل التماسا بتعيينه.. يطلب فيه السماحة، في محاولة للسيطرة علي المؤسسات الصحفية وتغيير رئاساتها لأغراض معينة، وقد قوبل ذلك بهجوم واعتراض من جماعة الصحفيين أنفسهم، ومن المهتمين بحماية الحقوق والنشطاء السياسيين، ومعهم كل الحق، خاصة وأن المضي في تلك الممارسات، مع عدم شرعية المجلس يصيبها بالبطلان وإهدار المال العام ومازالت الطعون أمام القضاء قائمة.. لأن: 1- مجلس الشوري بتشكيله الحالي بعد الحكم بعدم دستورية النظام الانتخابي وبطلانه.. يعتبر منحلا من الناحية الواقعية ودون حاجة إلي إجراء.. أو انتظار حكم قضائي حتي ولو كان في الطريق، بعد احالة القانون بحكم المحكمة الإدارية العليا إلي المحكمة الدستورية العليا يوم السبت الماضي للفصل في مدي دستوريته. 2- المجلس بتشكيله الحالي منقوص، وأهليته ناقصة، إذ يعمل بثلثي أعضائه فقط، ولم يتم تعيين ثلث الأعضاء بعد، كما لا يجوز تعيين الثلث بعد انتخاب الرئيس الجديد، بعد أن صار المجلس ذاته مهدداً في شرعية وجوده وكأننا نضيف أعباء مالية جديدة.. وبطلانا آخر!! 3- اختصاصات المجلس وممارسة أعماله بهذا التشكيل الناقص، وبعد بطلان قانون الانتخاب يهدد أعماله منذ ولادته وشرعية جلساته علي طولها.. ويهدر المال العام مهما كانت قيمته. 4- كذلك فإن رئاسة رئيس المجلس الشوري للمجلس الأعلي للصحافة، وصدور قرار تشكيل المجلس الأعلي للصحافة رقم 822/1102، وتدخل السلطة التنفيذية في عرض الاسماء المرشحة في تشكيل المجلس، حسبما هو ثابت صراحة من ديباجة القرار ذاته، وقد تمت هذه التعيينات المرشحة بالفعل من جانب الحكومة، وينطوي ذلك كله علي عدوان من السلطة التنفيذية علي سلطة الصحافة، وهي سلطة شعبية حمتها الدساتير والوثائق الدولية وأكدت حريتها. وينعكس هذا البطلان علي تشكيل مجلس الشوري وأعماله وعلي المجلس الأعلي للصحافة وجلساته وقراراته وقد سيطر عليه تيار بذاته سيطرة كاملة، سواء من جانب الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس أو ترشيحات الحكومة، وآن الأوان أن يعاد ترتيب تلك المؤسسات الصحفية القومية والمجالس التي يجب أن تكون مستقلة استقلالا كاملا وفقا لقواعد دستورية من حيث الشكل.. والمضمون.. والاختصاص، وما زالت الطعون أمام المحكمة الإدارية العليا في طرق أبواب التعيين لرؤساء التحرير والوقوف في طابور الانتظار والسماح أمام أبواب مجلس الشوري مستهجنة ومحكوم عليها بالفشل والبطلان!! ارفعوا جلساتكم أيها السادة في مجلس الشوري.. حماية للشرعية.. وحفاظا علي المال العام بالبلاد يرحمكم الله.. وحتي يكون الأمر بيدكم لا بيد عمرو، قبل أن يأتيكم الحكم بالبطلان، أو قرار الحل أو مساءلتكم بتهمة إهدار المال العام.. حتي ولو كان في الحسبان اصدار قرار بالعودة.. لأنه عندئذ سوف تكون الدعوة إلي الفوضي المدمرة، استجابة لمستشاري السوء أو الشعراء الغاوين، ولأنه عندئذ سوف يصدر حكم برد العدوان ولن يرحم التاريخ أحداً. ارفعوا جلساتكم أيها السادة.. وتوقفوا عن ممارسة البدع في فتح باب السيطرة علي المؤسسات الصحفية بالإعلان عن طلبات التوظف، فلن تركع الصحافة لأحد.. ولن تعمل في جلباب حزب بعينه حتي ولو كان ذراعا سياسية لجماعة بذاتها.. يرحمكم الله ويغفر لكم.