فى إيطاليا تم تغطية التماثيل العارية حتى لا يراها الرئيس الإيرانى حينما يكون لديه متسع من الوقت، يتابع الرئيس الإيراني حسن روحاني مناظرات دونالد ترامب وغيره من المرشحين لانتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة، إذ يجد الرجل في ذلك «نوعاً من الترفيه» بحسب ما صرح به لقناة CNN الأمريكية. المرشح الجمهوري تيد كروز وعد بأنه سيمزق اتفاقية تسوية ملف إيران النووي مع الغرب، في حال انتخابه رئيساً لامريكا.. كلمات رد عليها روحاني بابتسامة ساخرة: «ولكن كيف له أن يعتقد ان الورق، الذي وُقعت عليه الاتفاقية ضعيف لهذه الدرجة؟!» يبدو الرئيس الإيراني علي حق فيما ذهب إليه، فبفضل الاتفاقية التي وُقعت في أغسطس الماضي بفيينا، بدأ رفع العقوبات عن إيران يؤتي ثماره، حيث تم استقبال روحاني أواخر الأسبوع الماضي في روما والفاتيكان وباريس استقبال الفاتحين، فقد جاء وفي جعبته عقود بمليارات الدولارات جعلت الأوروبيين يتناسون كل ما يتشدقون به من قيم عن الحضارة والحريات وحقوق الإنسان، ففي إيطاليا عمدت السلطات إلي تغطية تماثيل كلاسيكية عارية في متحف كابيتوليني حيث التقي روحاني برئيس الوزراء ماتيو رينزي ووقعا علي عقود بلغت قيمتها 17 مليار يورو، ومن بين التماثيل التي حُجبت عن الأنظار، تمثال فينوس الذي يعود تاريخه إلي القرن الثاني قبل الميلاد، وغُطي بالكامل بصناديق خشبية مؤقتة، كي لا يراه روحاني. وفي فرنسا، نبه الإيرانيون علي نظرائهم بعدم وضع النبيذ الذي يفضله الرئيس فرانسوا أولاند علي مائدة الغداء، إرضاءً للرئيس روحاني. كل ذلك من اجل عيون الصفقات التي وقعها روحاني ومنها صفقة لشراء 118 طائرة إيرباص بقيمة 25 مليار دولار أمريكي، وهي أكبر صفقة يبرمها منذ رفع العقوبات الغربية عن بلاده، وتشمل الصفقة 73 طائرة عريضة الجسم و45 طائرة نحيفة الجسم من بينها 12 طائرة 380 أ، وستستفيد بريطانيا أيضاً من إبرام هذه الصفقة لأن أجنحة طائرات إير- باص 320 أ تُصّنع في شمال ويلز. وتسّير شركة «ايران اير» 3 رحلات أسبوعية إلي لندن واثنتين لكل من باريس وامستردام، وتعتزم خطوط طيران «إير فرانس» و KLM الهولندية استئناف الرحلات الجوية لإيران هذا العام. في السياق نفسه وقعت شركة PSA الفرنسية (المُصنع لسيارات بيجو وسيتروين و DS) مع مصنع خودرو الإيراني اتفاقية إنشاء شركة في طهران لتطوير وإنتاج سيارات بيجو بحلول عام 2017. كارلوس تافاريس، رئيس مجلس إدارة PSA، صرح عقب توقيع الاتفاق: « لقد أنهينا فصلاً من العقوبات الدولية علي إيران وستكتب PSA وخودرو صفحة جديدة من التاريخ»، أما هاشم يكيزهار رئيس مجلس إدارة خودرو فعلق: « الاتفاق سيمنح للعملاء التكنولوجيا الأفضل في عالم السيارات وبسعر تنافسي». واتفق الجانبان علي استثمارات قدرها 400 مليون يورو للسنوات الخمس المقبلة، وسوف يُخصص جزء كبير من هذا المبلغ لأبحاث التطوير التي ستجري في باريس، وبحلول النصف الثاني من 2017 ستكون الشركة الفرانكو-إيرانيةبطهران قد أنتجت 200 ألف سيارة طراز بيجو، وسيتم تصنيع نسبة ال70% من كل سيارة في العاصمة الإيرانية وهو ما سيوفر الكثير من النفقات، وستكون الشركة معنية بتصدير ما تنتجه لعموم الشرق الأوسط، وبالتوازي مع ذلك تتفاوض PSA مع شركة صايبا الإيرانية من أجل شراكة مماثلة لتصنيع طراز سيتروين في طهران، علماً بأن صايبا لديها بالفعل شراكة مع مجموعة رينو. واذا كانت الزيارة قد نجحت علي مستوي العقود والصفقات فإن الجانب السياسي لم يتلحلح بعد فإيران لا تزال في نظر الشعب والسياسيين الفرنسيين دولة متطرفة حتي لو فرش الإليزيه السجادة الحمراء لروحاني لان ذلك فقط بهدف البحث عن عقود. فقد كشف استطلاع للرأي أجري قبيل الزيارة أن 83% من الفرنسيين يرغبون أن يتناول رئيسهم موضوع حقوق الانسان مع روحاني. بل أكد الاستطلاع أن معظم الشعب يري أنه لا يجب استقبال القادة المستبدين. وأكدت مريم رجوي، رئيسة المعارضة الإيرانية ان فرش السجادة الحمراء لروحاني من قبل الدول الاوروبية، هو ترحيب بالإرهاب وأن هذا العمل يعني تجاهل انتهاكات حقوق الانسان في إيران. وأشارت إلي اعدام 2200 شخص منذ تولي روحاني الحكم كما أشارت إلي تصاعد القمع وقتل أهل السنة والمسيحيين. وبعد لقاء الرئيسين في الإليزيه صرح الرئيس الإيراني أن الجانبين الإيراني والفرنسي بحثا موضوع مكافحة الإرهاب وشددا علي ضرورة التعاون في مختلف المجالات لنزع جذور الإرهاب وإعادة الأمن والسلام للمنطقة. ولفت روحاني إلي أن استقرار المنطقة أمر مهم بالنسبة لإيران . ولكن كل هذه التصريحات المنمقة لم تغير موقف فرنسا السياسي من إيران ولم تمنع المظاهرات المناهضة في كل أوربا. فقد شارك في باريس الآلاف من أبناء الجالية الإيرانية والعربية، في تظاهرة حاشدة، ضد زيارة روحاني. وطالب المتظاهرون من المسؤولين الفرنسيين محاسبة روحاني بسبب الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في إيران وتصدير الإرهاب والحروب المدمرة إلي المنطقة برمتها.