اتسمت ردود فعل الاعلام الامريكي تجاه اطلاق المفاوضات المباشرة بالفتور الذي يسوده تشاؤم نظرا للتجارب السابقة ولكن هذا لم يمنع البعض من اعتبار مجرد اطلاق المفاوضات المباشرة انجازات وذلك علي الرغم من صعوبة التنبؤ بنتائج هذه المباحثات. وذكر كولين باول وزير الخارجية الامريكي السابق في حديث مع اذاعة »سوا« الامريكية: ان المفاوضات المباشرة خطوة مهمة بالرغم من عدم القدرة علي التنبؤ بنتائجها. وقال باول: »امل في ان تبدأ عملية جادة للتوصل إلي حل لمشكلة الشرق الاوسط..«. وتناولت جريدة »النيويورك تايمز« موضوع المستوطنات الاسرائيلية واقتراب موعد انتهاء فترة الحظر علي بنائها في 62 الجاري. ونقلت عن مارتن انديك السفير الامريكي السابق في واشنطن: ان هذا الموضوع سيكون اول اختبار لنوايا الطرفين. واشار إلي ان التوصل إلي حل لهذه المشكلة سيساعد علي خلق مناخ اكثر ايجابية لتناول باقي الموضوعات المهمة. كما صرح روبرت مالي مدير برنامج الشرق الاوسط في مجموعة التعامل مع الازمات الدولية بان اكثر ما يثير قلق الولاياتالمتحدة هو الحفاظ علي المفاوضات من الان وحتي 62 سبتمبر. واشارت الجريدة كذلك إلي احتمالات ان يؤدي الطموح النووي الايراني إلي نسف المفاوضات فعلي الرغم من تأكيد ا لمصادر الامريكية علي ان ايران لن تستطيع تصنيع السلاح النووي قبل مرور عام فان اسرائيل ترفض ذلك وتري ان استمرار السعي الايراني للحصول علي السلاح النووي وعملية السلام مرتبطان. ونقلت الوكالة الفرنسية عن دانيل كيرتزن الذي عمل كسفير امريكي في مصر واسرائيل قوله: ان مدي المساهمة الامريكية النشطة في هذه المفاوضات سيكون اهم مؤشر علي نجاح هذه الجولة. واوضح ان ترك الطرفين دون مساعدة ورعاية في الماضي لم يسفر عن شيء.. وقد كان من المقرر طرح افكار امريكية اثناء المفاوضات غير المباشرة.. ولكن السؤال هو هل سنقدم علي ذلك في ظل المفاوضات المباشرة؟ وانتقدت جريدة الواشنطن تايمز قيام الادارة الامريكية بوضع اطار زمني للمفاوضات المباشرة. وذكرت في مقالها الافتتاحي ان الرئيس اوباما يقوم بدور واضح في عملية السلام ليبرر حصوله مقدما علي جائزة نوبل للسلام. واشارت إلي اعلان البيت الابيض عن ان تدخل الرئيس اوباما مباشرة في عملية التفاوض سيتوقف علي التطورات وهذا يعني كما ذكرت الجريدة ان الرئيس اوباما قد يقفز إلي الحلبة ليجني ثمار نجاحها وقد يتركها في حالة عدم احراز اي تقدم في يد وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لتتحمل الفشل. وقالت الجريدة ان وضع اطار زمني لمدة عام خطأ فادح ترتكبه الادارة مثل اعلانها انها ستغلق معسكر جوانتانامو بعد عام وعدم الوفاء بذلك. واشار المقال الافتتاحي إلي ان افضل ما يمكن ان تسفر عنه هذه المفاوضات هو مجرد اتفاق علي قضايا ضئيلة وان تقدم الولاياتالمتحدة علي الدفع بإطار للتفاوض مماثل لما ورد في اتفاق اوسلو والذي فشل فشلا ذريعا.. وذكرت ان نتنياهو قد وضع في هذا الموقف من قبل في عام 9991 عندما فشل في اقناع الجانب المحافظ في حكومته بقبول مذكرة الوادي ريفر.. ومن المؤكد انه لن يقدم علي هذه الخطوة مرة اخري. واختتم المقال بالاشارة إلي ان الولاياتالمتحدة هي اضعف طرف في هذه المفاوضات وان سلاحها الوحيد هو اموال المعونة إلا ان الرئيس اوباما لن يجني اي شيء من الضغط علي اسرائيل سوي كسب مزيد من الاعداء من بين اليهود الامريكيين كما انه لن يوقف المساعدة الاقتصادية التي تقدم للشعب الفلسطيني وبالتالي فإن كل ما تستطيع الدبلوماسية الامريكية ان تسهم به في هذه المفاوضات هو مجرد اطار زمني تتجاهله الاطراف. وكتب جيرالد سيب في جريدة »الوول ستريت جورنال« ان شبح ايران يكمن خلف جميع التحركات الامريكية سواء اكان ذلك فيما يتعلق بالعراق أو افغانستان أو المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية. ويقول جيرالد سيب ان استئناف المفاوضات بين الطرفين ليس مجرد جهد لاقرار السلام علي الجبهة الفلسطينية بل لازالة بؤرة سياسية مريرة يري الزعماء العرب انها تشعل مشاعر شعوبهم وتجعلهم غير قادرين علي التعاون مع الولاياتالمتحدة واسرائيل لمواجهة الاطماع الايرانية. ومن الواضح كما تقول الجريدة ان نجاح عملية السلام سيحتوي نفوذ حلفاء ايران في حماس. ويري الكاتب ان فشل المفاوضات وانهيارها لعدم تسوية قضية المستوطنات سيدعم العناصر المتطرفة الموالية لايران في حماس وحزب الله. ويختتم مقاله بان الفشل والنجاح وارد إلا ان الشيء الطيب هو ان الرئيس اوباما يحظي بمساندة الديمقراطيين والجمهوريين في هذا المجال. اما توماس فريدمان الكاتب بجريدة »النيويورك تايمز« فقد رأي ان قيام الرئيس اوباما بالتعامل مع قضيتين من اصعب القضايا في نفس الوقت وهما: القضية الفلسطينية وانهاء النزاع الفلسطيني الاسرائيلي إلي جانب عقد اتفاق ومصالحة فيما بين السنة والشيعة في العراق هو جرأة وشجاعة بالغة لم يسبق لها مثيل. واشار فريدمان إلي تصاعد العنف خلال الايام القليلة الماضية سواء فيما يتعلق بعملية قتل 4 من الاسرائيليين علي يد فلسطيني أو ما يتعلق بالتصريحات المسيئة والتحريض الذي اطلقه الحاخام اوفاديا يوسف علي الرئيس محمود عباس وانصاره ويقول فريدمان: ان ما نراه حاليا هو مجرد تسليك للحناجر وتنظيف للبنادق وعلينا ان ننتظر حتي نري ما يمكن ان يحدث اذا ما وافقت اسرائيل علي تبادل الاراضي مع الفلسطينيين حيث سيبقي 08٪ من سكان المستوطنات بالضفة الغربية في اماكنهم وهذا يعني نقل 06 الف مستوطن. لقد لجأت اسرائيل إلي استخدام 55 الف جندي لنقل حوالي ثمانية آلاف مستوطن من قطاع غزة والذي لم يكن في اي وقت من الاوقات ارضا اسرائيلية. ولنا ان نتخيل ماذا يمكن ان يحدث اليوم عندما يستدعي الجيش الاسرائيلي وأغلب جنوده من الصهاينة المتطرفين والمؤيدين للمستوطنين للقيام بنقل المستوطنين من الضفة الغربية.