الإعلان عن أول سيارة كهربائية MG في مصر خلال ساعات    جناح طائرة ترامب يصطدم بطائرة خاصة في مطار بفلوريدا    اليوم، الحكم على المتهم بدهس طبيبة التجمع    "بنكنوت" مجلة اقتصادية في مشروع تخرج طلاب كلية الإعلام بجامعة جنوب الوادي (صور)    امرأة ترفع دعوى قضائية ضد شركة أسترازينيكا: اللقاح جعلها مشلولة    عرض فيلم Le Deuxième Acte بافتتاح مهرجان كان السينمائي    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 15 مايو في محافظات مصر    وفاة والد سيد نيمار بعد صراع مع المرض    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء بالدوريات الأوروبية والمصري الممتاز والقنوات الناقلة    وليد الحديدي: تصريحات حسام حسن الأخيرة غير موفقة    أفشة: سأحقق البطولة الرابعة إفريقيا في تاريخي مع الأهلي.. واللعب للأحمر نعمة كبيرة    بشير التابعي: جمهور الزمالك سيكون كلمة السر في إياب نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    المالية تزف بشرى سارة للعاملين بالدولة بشأن مرتبات شهر يونيو    حصريا جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya الرسمي في محافظة القاهرة    عاجل - مبTHANAWYAاشر.. جدول الثانوية العامة 2024 جميع الشعب "أدبي - علمي"    3 قرارات عاجلة من النيابة بشأن واقعة "فتاة التجمع"    بسبب الخلاف على إصلاح دراجة نارية .. خباز ينهي حياة عامل دليفري في الشرقية    عضو بملجس محافظي المركزي الأوروبي يرجح بدء خفض الفائدة في اجتماع الشهر المقبل    «تنمية وتأهيل دور المرأة في تنمية المجتمع».. ندوة لحزب مستقبل وطن بقنا    أمير عيد يكشف موعد ألبومه المُقبل: «مش حاطط خطة» (فيديو)    أحمد حاتم بعد انفصاله عن زوجته: كنت ظالم ونسخة مش حلوة مني (فيديو)    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    اجتياح رفح.. الرصاصة الأخيرة التي لا تزال في "جيب" نتنياهو    الهاني سليمان: تصريحات حسام حسن تم تحريفها.. والتوأم لا يعرف المجاملات    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    الأزهر يعلق على رفع مستوطنين العلم الصهيوني في ساحات المسجد الأقصى    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأربعاء (تفاصيل)    مصطفى الفقي: معادلة الحرب الإسرائيلية على غزة تغيرت لهذا السبب    البيت الأبيض: بايدن سينقض مشروع قانون لمساعدة إسرائيل لو أقره الكونجرس    وزير الرياضة: نمتلك 5 آلاف مركز شباب و1200ناد في مصر    عبدالمنعم سعيد: مصر هدفها الرئيسي حماية أرواح الفلسطينيين    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 15-5: نجاحات لهؤلاء الأبراج.. وتحذير لهذا البرج    سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا ممن تفاءل بخيرك فأكرمته ولجأ إليك فأعطيته    نشرة أخبار التوك شو| تصريحات هامة لوزير النقل.. وترقب لتحريك أسعار الدواء    تراجع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    اليوم.. التضامن تبدأ صرف معاش تكافل وكرامة لشهر مايو    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    بدأت باتهام بالتأخُر وانتهت بنفي من الطرف الآخر.. قصة أزمة شيرين عبدالوهاب وشركة إنتاج    وزير الشئون الثقافية التونسي يتابع الاستعدادات الخاصة بالدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي    3 فعاليات لمناقشة أقاصيص طارق إمام في الدوحة    أثناء عمله.. مصرع عامل صعقًا بالكهرباء في سوهاج    إبراهيم عيسى: من يقارنون "طوفان الأقصى" بنصر حرب أكتوبر "مخابيل"    سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    أسهل طريقة لعمل وصفة اللحمة الباردة مع الصوص البني    بعيدًا عن البرد والإنفلونزا.. سبب العطس وسيلان الأنف    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    تعليق يوسف الحسيني على إسقاط طفل فلسطيني لطائرة مسيرة بحجر    نقيب الأطباء: مشروع قانون المنشآت الصحية بشأن عقود الالتزام تحتاج مزيدا من الضمانات    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    هل سيتم تحريك سعر الدواء؟.. الشعبة توضح    وزير الصحة يزور مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي.. ويشيد بالدمج بين الخدمات الطبية واستخدام التكنولوجيا المتطورة    وزارة الهجرة تشارك احتفال كاتدرائية العذراء سيدة فاتيما بمناسبة الذكرى 70 لتكريسها    محافظ المنوفية يبحث مع رئيس الجامعة تعزيز أطر التعاون لدعم خطط التنمية المستدامة بالقطاعات الخدمية والتنموية    أمين الفتوى يوضح متى يجب على المسلم أداء فريضة الحج؟    جامعة الزقازيق تتقدم 46 مركزا بالتصنيف العالمي CWUR لعام 2024    وزير الأوقاف: نسعى لاستعادة خطابنا الديني ممن يحاول اختطافه    "العيد فرحة".. موعد عيد الأضحى 2024 المبارك وعدد أيام الاجازات الرسمية وفقًا لمجلس الوزراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«مارد» الهندسة الوراثية في انتظار البرلمان
سنوات الخوف أهالت عليه التراب.. والقانون يخرجه من «القمقم» باحثون: أبحاثنا تحقق الاكتفاء الذاتي من القمح ..وغياب التشريع يحرم المجتمع منها
نشر في أخبار اليوم يوم 08 - 12 - 2015

قبل 25 عاما من الآن نجح العالم المصري د.أحمد مستجير، والملقب ب «أبو الهندسة الوراثية»، في انتاج سلالات من القمح والأرز تروي بماء البحر، وذلك بعد نقل الجينات المسؤولة عن تحمل الملوحة من نبات الغاب الي نباتي القمح والأرز.. وقتها أحدث هذا الإنجاز العلمي صدي دوليا، واستفادت منه دولة الهند، لتتحول من دولة مستوردة للقمح حتي منتصف التسعينات الي مصدرة له عام 2004، بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي لشعب تعداده أكثر من مليار نسمة.. في المقابل، تلقي د.مستجير سهام النقد في مصر، واتهم بتغيير خلق الله، وأن أفكاره قد تدمر الزراعة المصرية، ليلقي الرجل ربه، ولم ير انجازه النور «محليا».
ربما كانت حداثة التخصص هي السبب وقتها في هذه الإنتقادات، ولكن الآن وبعد أن صار لدينا معاهد متخصصة في الهندسة الوراثية، أصبحت هناك عشرات الأبحاث الأخري، التي يمكنها تغيير وجه الحياة في مصر، ولكنها تنتظر قانونا، يزيل التراب الذي أهالته عليها سنوات الخوف، ليخرج المارد من قمقمه، معلنا عن ثورة زراعية، أقلها هو تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح.
د.هالة عيسي الباحثة بمعهد بحوث الهندسة الوراثية الزراعية، واحدة من عشرات الباحثين الذين يعيشون علي أمل صدور هذا القانون.. وتمتليء حقيبة د.هالة بعشرات الأبحاث التي أنتجتها في مجال انتاج سلالات جديدة من بذور القمح، غير أن تلك الأبحاث التي يعود تاريخ بعضها الي عام 2005، لم تغادر تلك الحقيبة، إلا للنشر في دوريات متخصصة في الزراعة، لتعود مره أخري الي مستقرها الأساسي، وهو الحقيبة.
ورغم أنها وزملاءها بالمعهد محرومون حتي من مجرد اختبار أبحاثهم علي نطاق حقلي ضيق، إلا أنهم متمسكون الي الآن بالأمل، وهو صدور قانون «الأمان الحيوي« الذي سيعطي لجهدهم البحثي «قبلة الحياة». ولا يوجد إطار تشريعي منظم للضوابط الصحية والقانونية لمثل هذه الأبحاث، التي تواجه في العالم العربي، برفض شعبي وإعلامي، غير أن بارقة الأمل تتمثل في انتهاء وزارتي البيئة والزراعة من إعداد قانون، بعد أعوام من الخلافات بينهما، ومن المقرر عرضه علي البرلمان القادم.
وتقول د.هالة للأخبار: « لغياب القانون المنظم لتداول واستخدامات النباتات المهندسة وراثيا،اقتصر جهدنا البحثي علي ما نتوصل له معمليا، لكننا غير قادرين علي الخروج بتلك النتائج المعملية الي التطبيق العملي«.
كانت الباحثة تقول هذه الكلمات، وهي تمسك بنسخة من بحثها المنشور في شهر مارس 2015 بمجلة plant biology، حول انتاج سلالات من القمح مقاومة للحشرات التي تصيب المحصول عند تخزينه، لتواصل حديثها قائلة: « توصلت في البحث الي عزل الجين المسئول عن تكوين بروتين الأفيدين من الدجاج، لإدخاله الي أحد أصناف القمح المحلية، لينتج صنفا جديدا، من مميزاته أنه قاتل للحشرات التي تتغذي عليه». ويفيد هذا البحث في علاج الفقد بمحصول القمح خلال فترة تخزينه بالصوامع قبل وصوله للمستهلك، حيث تفقد كميات كبيرة من المحصول بسبب إصابته بالفطريات، كما أن هذه الفطريات في حد ذاتها ضارة جدا بالصحة.
وحذرد.نادر نور الدين الاستاذ بكلية الزراعة بجامعة القاهرة قبل عامين، من أن سوء التخزين في مصر، يعرض محصول القمح للرطوبة الجوية وإرتفاع درجة الحرارة، ويؤدي ذلك الي إصابته بالعديد من أنواع الفطريات التي تفرز سموم الميكوتوكسين بمختلف أنواعها وأشرسها وأخطرها سموم الأفلاتوكسين التي تصيب الكبد بالسرطان والتليف وسموم الأوكراتوكسين، والتي تسبب 70% من حالات الفشل الكلوي لدي سكان القري والأرياف.
الاكتفاء من القمح
الفائدة المزدوجة لبحث د.هالة، والتي يكشف عنها حديث د.نور الدين عن مخاطر التخزين، تمثل واحدة من عشرات الفوائد، يكشف د.مجدي مدكور، الخبير الدولي في الهندسة الوراثية، عن أهمها، وهي تلك المتعلقة بالاكتفاء الذاتي من القمح. د.مدكور قال في ندوة نظمها مركز البحوث الزراعية مؤخرا، أن هناك إمكانية لتحقيق مصر الاكتفاء الذاتي من القمح، باستخدام التكنولوجيا الحيوية خلال عامين، شريطة أن يتم تعميم زراعة هذه الأصناف في الأراضي الجديدة والساحل الشمالي الغربي، وإعداد التقاوي اللازمة لتحقيق هذا الهدف القومي.
وقال مدكور إن التجارب البحثية المصرية توصلت خلال سنوات من الأبحاث الي هجين من القمح مقاوم للجفاف، ويتحمل ندرة المياه، ويمكن زراعته علي الأمطار التي تسقط علي هذه المناطق.
فول مقاوم للجفاف
ومثل أبحاث القمح ، والتي يحول غياب القانون بينها وبين التطبيق العملي، هناك أبحاث خاصة بنبات الفول. د.مؤمن سيد حنفي، أستاذ التكنولوجيا الحيوية النباتية بالمركز القومي للبحوث، واحد من أصحاب هذه الأبحاث. كان بحث د.مؤمن الذي نشرته مجلة « plant cell reports « عام 2013، ولم يطبق الي الآن لغياب القانون، عن انتاج أصناف من الفول البلدي مقاومة للجفاف والملوحة.
وبصوت يعتريه اليأس، يقول د.مؤمن للأخبار، وهو يمسك ببذور تلك الأصناف: « هذا جهد بحثي استمر لسنوات، ومصيره الأدراج، لأن غياب القانون يحرمني حتي من التجارب الحقلية».
ويقتصر نشاط الباحثين المصريين في مجال الهندسة الوراثية علي التجارب المعملية، والصوب فقط، ويعد خروجهم الي التجارب الحقلية، حتي علي النطاق الضيق جدا، مخالفة قد تضعهم تحت طائلة القانون، بحسب د.مؤمن.
ويضيف : «من المفترض أن ينص القانون حال صدوره علي بعض التحاليل التي تجري علي البذور المهندسة وراثيا، قبل خروجها الي الحقل، لضمان عدم حدوث تأثير ضار علي الصحة والإنسان، ولكننا منذ سنوات في انتظار هذا الأمل».
والمفارقة، التي يكشف عنها د.مؤمن، هي أنه «قانونا» لا توجد محاصيل مهندسة وراثيا في السوق المصري، لكن «عمليا» توجد بعض المحاصيل المستوردة، والتي تنفذ الي السوق تحت غطاء تشريعي، وهو «قانون تداول المحاصيل الزراعية».
ووفق هذا القانون، فإنه لا يوجد مانع من تداول البذور الزراعية المستوردة، طالما أنها تستخدم في بلد المنشأ، وهو ما يعطي تأشيرة مرور لكثير من البذور الأمريكية المهندسة وراثيا.
اتفاقية السلامة الإحيائية
ولا يجد د.أسامة الطيب الاستاذ المتفرغ بقسم الميكروبيولوجيا والمناعة في كلية الصيدلة جامعة القاهرة، والمدير السابق لمركز التكنولوجيا الحيوية بالجامعة، مشكلة قانونية أو أخلاقية تقع علي الدول التي تورد لنا بذور مهندسة وراثيا.
وقال د.الطيب للأخبار : « في ظل غياب القانون المنظم لتداول المحاصيل المهندسة وراثيا، لا يوجد ما يلزم تلك الدول بالكشف عن أن البذور مهندسة وراثيا أم لا».
ومنذ عام 2003 كان من المفترض أن تصدر مصر بعد توقيعها علي الاتفاقية الدولية للسلامة الإحيائية، قانونا ينظم أبحاث الهندسة الوراثية وتداول البذور المهندسة وراثيا، ولكن الي الآن لم يصدر القانون، والسبب سياسي كما يراه د.الطيب، وهو الضغط الأمريكي لعدم صدور القانون. ولم تكن الولايات المتحدة الأمريكية ضمن الدول الموقعة علي اتفاقية السلامة الإحيائية، لتبنيها توجها تشاركها فيه عدة دول من بينها كندا واسرائيل، يقضي بعدم خضوع أبحاث الهندسة الوراثية لأي قيود تشريعية، وهو ما يصفه د.الطيب، بأنه « ينطوي علي مغالطة كبيرة».
وأضاف: « أي توجه جديد، لابد أن ينظمه قانون، فعلي سبيل المثال، عندما ظهر اتجاه لعمليات الحقن المجهري، في تخصص النساء والتوليد، صدرت قوانين منظمة لهذه العمليات، تحدد متي يلجأ إليها الطبيب، والضوابط التي ينبغي أن يلتزم بها».
وتضيف: « من المقرر أن يرسل الرئيس القانون للبرلمان لإصداره في دورته البرلمانية المقبلة، ونتمني ألا يتأخر البرلمان عن تحقيق هذا الأمل الذي طال انتظاره».
ويطمئن د.عادل سليمان، المنسق الوطني لمشروع السلامة الإحيائية بوزارة البيئة، وأحد المشاركين في صياغة القانون، د.نجلاء وأقرانها من الباحثين، باقتراب تحقيق هذا الأمل.
وقال د.سليمان للأخبار: « وزارة العدالة الإنتقالية، التي كانت مسئولة عن مراجعة القوانين، قبل إلغائها في التشكيل الوزاري الجديد، أعطت توصية قبل ارسال القانون لرئاسة الجمهورية، بأن يكون له أولوية قصوي في الصدور، ونتوقع أن يكون في مقدمة القوانين التي يصدرها البرلمان القادم».
البيئة وصحة المواطن
والقانون، كما يوضح د.سليمان، سيفتح الطريق أمام التطبيق البحثي علي نطاق أكبر من الصوب الزراعية، وكذلك أمام تسويق المنتج علي نطاق تجاري، عبر مجموعة من الخطوات التي يحددها بدقة، ويعاقب مخالفيها بالحبس والغرامة.
أولي الخطوات التي يشير إليها د.سليمان، هي تقديم الباحث طلبا للجنة يحدد تشكيلها القانون، لتمنحه اللجنة ترخيصا بدراسة تسمي «تقييم مخاطر»، ليقوم الباحث في هذه الدراسة حال منحه الترخيص، بإجراء دراسة شاملة علي المنتج المحور وراثيا، تشمل إطار نظري، وآخر عملي يتضمن تجربة حقلية يجريها علي نطاق ضيق في نفس البيئة التي ينوي زراعة البذور المهندسة وراثيا بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.