هي في الخامسة والأربعين، لديها بنات وشباب في سن الزواج، ترتدي نقابها الأسود، تدخل السوبر ماركت تتسوق لبيتها بعض شئونه، تقابلها أخري ومن خلف نقابها الناصع السواد تلقي عليها السلام فهما «أخوات».. علي استحياء تحكي فأنا أعرفها امرأة فاضلة: دفعت الحساب وخرجت بأمان.. لكنها خطوات خارج المحل، فوجئت بصوت آمر يأتيها من خلفها.. توقفي لو سمحتي.. ماذا! دقق الرجل فيها قليلا ثم اتهمها بالسرقة.. في تعجب استنكرت الاتهام وبصوت يكسوه الخجل أردفت: أنت اتجننت أنا أسرق؟! تجمع الخلق حولهما وجاء السؤال الجماعي هل رأيتها تسرق والرجل بين مصدق ومكذب أري ماذا؟! إحداهن هي التي سرقت وانصرفت. ولست أدري أيهن!! في مستشفي قصر العيني وضعت المرأة وليدها وفرحا قام زوجها بتوزيع «الحاجة الساقعة» علي الممرضات، وانصرف ليأتي «بالتاكسي» ليحمل زوجته ومولوده، عاد ليجد زوجته علي سريرها بلا مولود بالمستشفي، أين.. قالها مستفسرا!! في اطمئنان قالت: إحدي الممرضات أخذته لعرضه علي الطبيب قبل الانصراف. نصف ساعة قفزتها عقارب الساعة ولم يعد المولود.. أمام حجرة الأطباء وقف الرجل وامرأته يسألان عن وليدهما.. وكان الجواب بالنفي من الطبيب صاعقة أخذت بتلابيب المرأة وألقتها أرضا. بيده الحانية المرتعشة أجلس الرجل زوجته وهو ينظر إليها بعينين زائغتين والطبيب يسألها: من أخذت منك طفلك.. ومن هوة ساحقة جاء صوتها المبلل بالدموع الزاعقة.. ممرضة ترتدي البالطو الأبيض ونقابها الناصع البياض، أخذته من بين يدي مبسملة بصوت رقيق وهي تردد «ماشاء الله..تبارك الخلاق.. دقائق يراه الدكتور ثم أعود اليك بتقرير الخروج».. ولم تعد. في مجتمعنا اليوم صار النقاب كمزارع الذرة- يختبئ فيها ووراءها المجرمون وقاطعو السبيل. ولم يعد عنوانا علي الحشمة والعفة إلا ما ندر. فإننا لا ننكر مطلقا وجود نساء عفيفات لجأن للنقاب «في الشارع فقط» تحصنا من ذئاب أصابها السعار فراحت تنهش أعراض الناس بلا وازع من دين أو سلطان. علماؤنا قالوا إن النقاب عادة مجتمعية وليس سنة نبوية فهو فضيلة لا فريضة. جاءنا النقاب من بلاد الخليج مع من سافر الي هناك طلبا للعيش ودعا إليه «فرضا» رجال أطالوا لحاهم وقصروا الجلباب وضيقوه، ولأن المرأة عندنا بلا إرادة أناخت رأسها تحت قدمي أبيها وزوجها وأخيها وإستسلمت لعقول جامدة تتلقي بلا فهم وتنفذ بلا علم. ألبسوها النقاب وظنوه دينا وتنفسوا الصعداء وكأنهم أهالوا علي «الفتنة» التراب واستراحوا. وأزيد الأمر وضوحا فأقول إن وراء كل امرأة منتقبة إما رجل لم يفهم أو متشدد في فهمه او متسلط في أمره. وأحيانا نراه رجلا «بصباصا» أدمن التأمل في أجساد الفاتنات بعيون تجرح منها النظرة وأنياب تقطر منها الشهوة، يتخفي وراء نقاب امرأته مظهرا الورع والفضيلة مبطنا الفُجر والرذيلة. وغالبا مانراه مسكينا يخفي غيرة قاتلة، وجد في النقاب ضالته سترا لمرضه وإشباعا لغيرته فيسحبها ويصحبها أني شاء وأين شاء، وأخاله يخشي عينيها عند النظر ولو أمره شيخ متنطع بفقئهما لفعل. في الوقت الذي تقرر فيه المرأة الخروج من بيتها طالبة للعلم أو متشوفة للرزق، عليها أن تسفر عن وجهها - لا جسدها - فهو عنوان ذاتها ومستند شخصيتها الذي تقدمه - بلا خجل - لأفراد مجتمعها حفاظا علي أمن وأمان الوطن. وحتي لا تنبح علينا حناجر المغفلين وتشّغب علينا أصوات المنكَرين نؤكد تمسكنا بالحجاب «فريضة» كما أمر به قرآننا وبينه نبينا «صلي الله عليه وسلم» بل نأمر به - بالمعروف - كل امرأة رضيت بالله تعالي ربا وبالاسلام دينا وبسيدنا محمد «صلي الله عليه وسلم»نبيا ورسولا. وننكر كذلك علي أولئك المتبرجات الكاسيات العاريات فعلهن ونطالب أولي الأمر بالتضييق علي «الخليعات» الفاتنات في مواطن العلم والعمل.