ان الاوان لأن تدخل مصر عصر المعرفة، وأن تمتلك قدرة تنافسية كبيرة أساسها العلم والثقافة والتعلم والابتكار، فالاستثمار الأكبر يكون في المواطنين القادرين علي التعلم مدي الحياة والقادرين علي التنافس بأدوات العصر. هذا هو ما نحلم به لمصر. ولقد اسعدني الاعلان عن إطلاق مشروع بنك المعرفة المصري كخطوة متقدمة لتحقيق التقدم العلمي والتعليمي والتكنولوجي للمستقبل، وخطوة نحو بناء المجتمع المتعلم بإتاحة العلوم والمعارف الإنسانية بشكل ميسر لكل مواطن مصري، وهذا المشروع يقوم عليه المجلس التخصصي العامل تحت مظلة رئاسة الجمهورية ويتم تنفيذه لأول مرة في العالم وعقود المرحلة الأولي مدتها أربع سنوات، وهو الارضيّة التي ننطلق منها جميعا لاصلاح التعليم الأساسي والعالي. استحقاقات مستقبل حائر احتضنت مكتبة الاسكندرية خلال الاسبوع الجاري مؤتمرين ثقافيين في غاية الاهمية الاول مؤتمر علي المستوي العربي تحت عنوان « الثقافة العربية استحقاقات مستقبل حائر « شارك فيه نحو 300 مثقف مصري وعربي ناقشوا عبر جلساته اشكالية الثقافة والدين، ومستقبل المؤسسات الثقافية في الوطن العربي وتناول المؤتمر الدراسات الانسانية واشكاليات مستقبلها في الوطن العربي. وكان المؤتمر الثاني والذي لايقل اهمية عن الاول عن حالة الثقافة في مصر»وهو المؤتمر الختامي لمشروع دعم التنوع الثقافي والابتكار في مصر علي اساس أن وضع الثقافة المصرية هو الوضع الإشكالي الذي تترتب عليه إخفاقاتنا وإنجازاتنا في مختلف الميادين السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، خاصة في ميدان الطريق إلي المستقبل، وان العمل الثقافي في مصر يواجه أزمة حقيقية مسئول عنها وزارة الثقافة والمؤسسات الثقافية الأخري المعنية بالشأن الثقافي العام، والتي ظلت غير مكترثة بالعمل وفقًا لمنظومة ثقافية واحدة. ولهذا أصبحت المؤسسات الثقافية الرسمية تواجه مجموعة من المشكلات وجوانب ضعف حقيقية بالإضافة إلي وجود تهديدات تشكل خطرًا حقيقيًا علي العمل الثقافي، وأن الفجوات الثقافية بين الدولة والمجتمع اتسعت تدريجيًا بحيث وصلت إلي أقصاها في السنوات الأخيرة وبدا ذلك واضحًا في الفجوة بين الوظيفة الثقافية والوظيفة الاقتصادية للدولة؛ حيث تغيرت توجهات الدولة الاقتصادية منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي وانتقلت مصر من الاقتصاد الموجه إلي الاقتصاد الحر، ومع ذلك ظلت مؤسسات وزارة الثقافة تعمل في كثير من توجهاتها بموجب المفاهيم الاشتراكية للثقافة والتي سادت في الستينيات. ومن هنا فانه من الضرورة أن تعتمد استراتيجية المنظومة الثقافية للدولة علي العمل الثقافي المشترك بين وزارة الثقافة وكافة الوزارات والهيئات ومنظمات المجتمع المدني المعنية بالشأن الثقافي العام وفقًا لمجموعة من القيم المرجعية الحاكمة للمنظومة الثقافية للدولة، والتي يفترض أن تتضمنها كافة الأنشطة والفعاليات الثقافية المشتركة، ويلتزم بها العاملون وتظهر في المنتجات والخدمات الثقافية والصناعات الثقافية علي اختلافها، مع ضرورة وضع اطار للتشريعات الثقافية بهدف إرساء قواعد واضحة المعالم واجبة التطبيق تحقق للثقافة المأمول من سعة وانتشار. ان الثقافة لا تقتصر علي ملء الفراغ بمحتوي بلا مضمون أو رسالة تستهدف إثراء المتلقي بما يضيف إليه رؤية شمولية لمجريات الأحداث من حوله فيكون عنصراً فاعلاً في منظومة الحياة اليومية من خلال حكم المال للثقافة.