منذ إعلان الرئيس عن اجراءات للقضاء علي مشكلة ارتفاع الاسعار قبل نهاية الشهر الجاري وهناك مبادرات محمودة من جهات حكومية ومنظمات الأعمال لتحقيق هذا الهدف الذي يصبو إليه كل مصري بل إن هناك سلاسل تجارية كبري أعلنت مساندتها لجهود الدولة في خفض الأسعار. المهم هنا هو روح العمل بأسلوب الفريق التي ظهرت من جهات عدة لتحقيق الهدف لكن الغريب أن يشذ علينا البعض بأفكار قديمة جديدة لكنها تسبح ضد التيار بمعني أنها تشد في الاتجاه الآخر وكأنها تخالف إرادة المجموع. أبرز مثال علي ذلك ما أعلنه الدكتور سعد الجيوشي وزير النقل عن اتجاه لرفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق وهذا ليس جديدا لكن الجديد في قوله «انه سيستفتي المواطنين عبر الانترنت قبل الزيادة». إذا كان ما قاله الوزير صحيحا فهو أسلوب حضاري للتعامل مع قضايا تمس حياة المواطن اليومية - وأكرر اليومية - فغالبا ستأتي الرياح أقصد الاستفتاء بما لا يشتهي الدكتور الجيوشي، وهي رفض الزيادة لكن المهم هل سيمتثل الجيوشي وحكومته لآراء المواطن المستفيد من الخدمة؟ مبدئيا لا أظن. علينا قبل التفكير في رفع الأسعار وهي دائما الحل السحري المريح الذي لا يحتاج لتدبر ولا تدبير أن ننظر في البدائل وألا نضع المواطن دائما في موقف المفتري الذي يريد كل شيء بغير سعره الحقيقي، فهل فكر الدكتور الجيوشي ومعه فريق شركة إدارة المترو في حلول غير تقليدية للتعامل مع الخسائر التي يتحدثون عنها ويقدرونها بنحو 20 مليون جنيه سنويا، وهل هناك جهة اقتصادية محايدة أجرت دراسات موثقة وأثبتت أن سعر التذكرة هو السبب الحصري والوحيد لخسائر المترو؟ والجواب لا أظن أيضا. في كل دول العالم المتقدم والنامي لا يقدمون علي زيادة أسعار خدمة أو سلعة قبل دراسة أسباب الخسائر وهناك مطالبات منذ فترة ليست بالقليلة بأن يشكل الدكتور الجيوشي لجنة فنية اقتصادية اجتماعية لبحث أسباب زيادة أسعار المترو تلك الوسيلة التي يستخدمها غالبية أفراد الشعب حاليا ويقدر عدد مستخدميها يوميا بالملايين وبالتالي يجب أن تكون عوائدها بالملايين أيضا. قبل زيادة الأسعار علينا أولا تجويد الخدمة الذي لا يجب أن يكون فقط بإدخال مترو أو اثنين أو ثلاثة بالتكييف ولكن أيضا بإصلاح ماكينات التذاكر والتي معظمها معطلا وتعد بمثابة سدود لا بوابات عبور للمواطنين، علينا النظر أولا في إعادة توظيف العمالة الموجودة في المحطات والتي عادة ما تكون أكبر من حاجة العمل لدرجة التكدس وأحيانا أظن أن موظفي المحطة علي الماكينات أكثر من الركاب. علينا بالتنسيق مع الجهات المختصة التفكير في وسيلة لإعادة الوجه الحضاري الذي بدأت به خدمة المترو فأعداد المتسولين في المحطات والعربات فاقت الحدود وكلهم يبحث عن وسائل للاستجداء «مقرفة» فمن يحمل مريضا ومن يحمل طفلا عاريا أو طفلة عاهات وغيرها من المشاهد التي تؤذي النفوس.. ولا يقل خطورة عن ظاهرة التسول الباعة الجائلون الذين كادوا أن يمتلكوا محطات المترو بشكل غير مسبوق. أفول للدكتور الجيوشي: حتما ليست أسعار التذاكر وحدها السبب في خسائر المترو وعلينا البحث مليا في الأسباب الأخري للخسائر فالجانب الاقتصادي يمثل عنصرا مهما في خدمة المترو وأي خدمة أخري لكن هناك أيضا جانبا مهما لا يجب إغفاله وهو الجانب الاجتماعي الذي يجب أن نوفره للمواطن في وسيلة آدمية لانتقاله وثانيا ما تفعله وسائل النقل العامة من تخفيف لأزمة المرور التي تخنقنا جميعا. بحسبة بسيطة نريد أن نعرف إذا كان هناك 5 ملايين مواطن يستخدمون المترو يوميا وذلك وسط تقديرات متحفظة فكم تكون الحصيلة اليومية وهل يعقل أن يخسر المترو 20 مليون جنيه سنويا؟ الدكتور الجيوشي نفسه سأل قيادات السكة الحديد قبل أيام: لماذا تخسر القطارات بينما يكسب الميكروباص؟ وعلي المنوال نفسه أسأله: كيف يخسر مترو الأنفاق ويكسب التوك توك؟ لسنا في حاجة لاستفتاء بل اسأل روحك.