باق من الزمن 56 يوما، علي تسليم سلطة إدارة شئون البلاد للسلطة المدنية، متمثلة في الرئيس المنتخب.. ورغم ذلك مازالت الثورة في الميدان، ومازال الدستور يبحث عن معايير تشكيل لجنته التأسيسية، ومازالت وزارة الداخلية تتأرجح بين إعادة الهيكلة واستمرار الغياب الأمني، ومازال الشهداء يتساقطون في مشهد متكرر سيناريوهاته، ومازال الجناة طلقاء ينعمون بحريتهم رغم إعلان المسئولين علي اختلافهم أنهم معروفون لهم!، ومازال حق القصاص لدماء شهداء الثورة ومصابيها متفرقا بين رقاب كل من يتولون أمرنا، ومازال حق شعب مصر المسلوب ممن سلبوه لم يتخذ من الإجراءات ما يعيده إلينا.. كل ذلك وغيره كثر، وهو ما يعجز أمامه الحصر، لتوالي ما يثار من أزمات، وما يلاحقنا من سيناريوهات معدة بإتقان، ركز القائمون علي صياغتها بتغييب الشعب وإلهائه فيما يدار علي أرض الواقع، ليخرجه عن دائرة التركيز في إكمال ثورته، والتكاتف لتحقيق أهدافها. والسؤال الآن: هل تسليم إدارة شئون البلاد لسلطة مدنية متمثلة في الرئيس المنتخب.. وحده يكفي؟ يري كثيرون، وأنا واحد منهم، أن هذا التسليم وحده لا يكفي.. وأري أن تحقيق ذلك يتطلب من الشعب والقوي السياسية أن تبدأ من الآن في الإعداد لهذا اليوم، وأري أنه من الضروري دراسة وحصر كل الملفات بشفافية ووضوح للوقوف علي حقائق الأمور، حتي نتجاوز الأزمات المستقبلية التي ربما تسوقها المجريات دون سابق نذير. واقترح في هذا السياق، أن يعكف من هم مسئولون عن إدارة البلاد الآن، ومعهم الحكومة - رئيسها ووزراءها - علي إعداد ملفات متكاملة توضح وتشرح بصدق ومصداقية حقائق واقع البلاد في مختلف الشئون، دون إغفال أو تجاهل أو تهميش لأي أمر كان، من منطلق حق الشعب علي مجلسه العسكري - الذي وثق فيه وبه وارتضاه لإدارة شئون البلاد بعد تفجير ثورة 25 يناير - وكذلك كواجب وطني علي الحكومة التي اختارها المجلس العسكري لاستكمال المرحلة الانتقالية، كحكومة إنقاذ، والتي جانبها الصواب في الفوز بثقة نواب الشعب، الذين يعيبون عليها في إيجاد حلول عاجلة لتخليص الشعب من معاناته في تلك المرحلة، بل زادت الأمور تعقيدا بطء المواجهة والتقصير في تجاوز الأزمات، والبعد عن استشعار نبض الشعب، وتلبية متطلباته، وهو ما كان ينتظره الشارع المصري في أدائها. والشق الثاني من المقترح أراه واجبا علي مجلس الشعب ومختلف القوي السياسية الممثلة لكافة الطوائف والأطياف، وأظن هذا الواجب يتمثل في أن تشكل لجنة وطنية - لا يحكم التمثيل فيها أغلبية أو أقلية، ولا إقصاء فيها لأي فصيل من أبناء هذا الوطن - وأن تشتمل علي خبراء وعلماء وشخصيات عامة وشباب ثورة في جميع المجالات علي اختلافها.. لتكون اللجنة بمثابة ضمير الأمة، وتكون مهمتها البحث فيما ننتظره من عناوين ورؤوس موضوعات للمعلومات التي يجب أن تشتمل عليها الملفات التي أقترح إعدادها من المسئولين عن إدارة شئون البلاد الآن، لتكون ملف صدق لواقع مصر الآني، وتكون تلك الملفات قاعدة بيانات حقيقية يبدأ منها انطلاق العمل الوطني للمستقبل، لبناء مصر الحديثة التي نريدها. وبهذا الطرح أري أن هذا المقترح من الأهمية بمكان من أن يوليه المجلس العسكري وحكومته اهتماما، ويشاركه فيه - بتعاون المحب لمصر - مجلس الشعب والقوي السياسية والخبراء والعلماء والثوار من كافة أطياف وطوائف الشعب.. ولنبدأ في إيجاد الآليات لتحقيقه إتماما لثورتنا، ليكون الخير لمصر، ويكون تسليم إدارة شئون البلاد مبنيا علي منهج علمي، إعلاء لقيمة حق مصر علي كل أبنائها.. وتحيا مصر.