كل سنة وانت طيب وبخير أنت وكل أحبابك أينما كنتم. في ديسمبر 2014 قابلت مجموعة من شباب الإعلاميين رئيس الجمهورية، وكنت واحداً منهم، وأذكر - والشهود يمكن سؤالهم - إنني تحدثت معه عن المظلومين في السجون، وعن كون وجودهم يعد استثماراً للإرهاب وليس حرباً عليه، وتحدثت معه عن احتواء الشباب، وعن كوننا لسنا الشباب الوحيدين الذين يجب أن يقابلهم، بل هناك فئات أخري يجب أن يستمع إليهم ولو كانوا معارضين، بدلاً من إتاحة الفرصة للمطبلاتية والمنافقين الذين تلقفوا الحديث ليهاجمونا في برامجهم بعد اللقاء مباشرة رغم أنني لم أشر لأحدهم بالاسم، لكن البطحة كانت أكبر من ألا يستطيعوا التحسيس عليها علي الهواء مباشرة. يومها رمي الرئيس الكرة في ملعبنا. اتفق معي في كل ما قلته، وقال إن طبيعة المرحلة السابقة دفعت بعدد من المظلومين في خضم الفوضي التي نشأت عقب 30 يونيو للسجون، وطلب مني تشكيل لجنة لتقديم الأسماء لمراجعتها، وأعلن استعداده عن العفو عن كل من يصدر ضده حكم نهائي ويثبت عدم تورطه أو يمكن مراجعته حفاظاً علي مستقبله. بدأنا العمل وسط جو من التشكيك والتحفز والشتيمة والخوض في الأعراض واتهامنا في وطنيتنا وشرفنا والادعاء أننا شربنا شاي بالياسمين، وبعنا القضية. هوجمنا من الفلول ومن الإخوان ومن الثورجية ومن الدولجية ومن اللي مالهومش فيها، وأكملنا عملنا بالتعاون مع بعض الجهات الحقوقية المحترمة لتقديم العديد من الكشوف، وهنا لابد من تحية مكتب رئيس الجمهورية الذي قدم كل الدعم وتعامل بمنتهي الإخلاص مع هذا الملف، لتخرج العديد من الدفعات بقرار من النائب العام أو بعفو رئاسي كما حدث قبيل شهر رمضان، وأول من أمس، يوم وقفة العيد، ليقضي كثيرون العيد في بيوتهم بعد أن كانوا في السجون. خرج كثيرون من مختلف ألوان الطيف السياسي بمن فيهم الإخوان لنهاجم وكأننا أخرجناهم بأنفسنا دون مراجعة الأمن الوطني والأجهزة السيادية التي أجرت تحرياتها حتي وقت متأخر وروجع الموقف القانوني حتي يكون كل شئ في إطاره، وتم الهجوم علي رئيس الجمهورية نفسه باعتبار العفو جاء قبيل زيارته للولايات المتحدة رغم أن نفس الزيارة كانت في العام الماضي ولم يحدث أي عفو، وكانت العلاقات أكثر سوءاً مع الولاياتالمتحدة، ورغم أن المفرج عنهم لم يشملوا أسماء تطالب الإدارة الأمريكية بين الحين والآخر بخروجهم، وبعد أن كانت هناك (مناشدات) و(هاشتاجات) تدعو للإفراج عنهم، ظهرت نغمة أن العفو حق وليس منحة، وانطلق كثيرون لشتيمة وتشويه كل من عمل علي هذا الملف، في حين توجهوا بالشكر للمحامية أمل كلوني التي ناشدت السيسي الإفراج عن صحفيي الجزيرة المحكوم عليهم، وحين استجاب شكرته، بينما حين استجاب للإفراج عن غيرهم اتهموه بأنه يفعل ذلك إرضاء للولايات المتحدة !! مع ما لذ وطاب من شتيمة العاملين علي الملف من المصريين. هنا لنا وقفة لنشرح للناس طبيعة المرحلة التي يحاول فيها المزايدون دفعنا دفعاً للهستيريا التي يعتنقوها ويتعاملون بها بمبدأ : إن لم تفعل مثلما أفعل فأنت خائن وعميل. هنا يجب أن نقارن بين نوعين من الشباب الأول بحث عن مساحة مشتركة، وبناء، ودافع عن حقوق، ولم يقبل أن يكون (مطبلاتي) ولكن في نفس الوقت لم يقبل أن يكون فاجراً في خصومته، مبتزاً لكل من حوله إن لم يفعلوا ما يريد، وبين نوع آخر يناضل علي الكيبورد بالشتيمة والسب، ويقبل أو يرفض العفو وهو جالس في منزله يوزع صكوك الوطنية علي هذا وذاك. نوع قرر أن يتحاور فنجح - رغم تأخر العفو - في إخراج أكثر من دفعة، ونوع قرر أن يسب ويشتم ويخون ولم يفعل أي شئ سوي احتقار جهد الآخرين محاولاً تعليق فشله علي شماعتهم. نوع وصل إلي نتيجة بعد أن اختار بديلاً يحقق فيه نجاحات مهما بدت بطيئة ونوع يائس محبط يريد كل الأمور مثله ولا يمتلك أي بديل مناسب سوي الهري والشتيمة، وهو ما أعتقد أن الرئيس، والناس، بدأوا يتجاهلونه، ليكون الانحياز للشباب القابل للحوار، القابل للإنجاز، القابل للتدريب والتأهيل، القابل للمشاركة، حتي ولو كان معارضاً فهو يبني ولا يهدم، وليس لآخرين سيصنعون من الرجل ديكتاتوراً حقيقياً لأن المغالاة في نقد كل شئ وسب كل شئ ستجعل الرجل مع مرور الوقت يقول : هو لا كده عاجب ولا كده عاجب.. طب اشربوا !! لا المزايدين سيدفعونا ألا نشكر رئيس الجمهورية، ومكتبه علي جهدهم، ولا المطبلاتية سيخيفونا لكي لا نقول أن المظلومين لايزالوا كثيرين، وأننا في انتظار دفعات أخري، وأن الأهم من العفو عن المظلوم هو ألا يدخل المظلوم أصلاً للسجن، وأن الإسراع في ذلك يجعل للأمر معني والتأخر يجعله بلا معني، كما لن ينسينا شكر الرئيس أن نناشده ألا نحتاج لمناشدته لرفع الظلم، فوقتها فقط سنعلن أن مصر قد عادت دولة مؤسسات لا دولة : بناء علي تعليمات الرئيس.