من بين الكم الهائل من الاخبار والتوقعات المتواترة هنا وهناك حول التشكيل الوزاري الجديد، والاسماء المرشحة له والاتصالات واللقاءات الجارية بشأنه، هناك خبر لافت للانتباه يستحق الاهتمام والتوقف أمامه بالتدقيق والفحص، وايضا التفكر في المعني والدلالة. الخبر اللافت هو ما تردد خلال الساعات الثماني والاربعين الماضية، عن اعتذار الكثير من الشخصيات المرشحة للوزارة الجديدة عن قبول الترشيح، وعزوفهم عن المنصب الوزاري، وعدم رغبتهم في تحمل مسئولياته وتبعاته، التي أصبحت ثقيلة وعسيرة من وجهة نظر البعض، وغير محتملة من وجهة نظر البعض الآخر في ظل الظروف الحالية، وما جري ويجري للوزراء هذه الايام ومنذ فترة ليست بالقليلة. وإذا كان الخبر صحيحا، واعتقد أنه صحيح بالفعل، فإن ذلك يعني ببساطة أن علينا أن نعترف بتغير المفهوم الذي كان سائدا لدي عامة الناس وخاصتهم لفترة طويلة من الزمان بخصوص وجاهة المنصب الوزاري وما يضفيه علي صاحبه من هيبة أو بريق وما يمنحه لصاحبه من رفعة مقام وارتفاع شأن.. وفي ذلك لعلنا نلاحظ ان المنصب الوزاري وكذلك ايضا منصب المحافظ وغيرهما من المناصب الاعلي مرتبة أو الاقل في السلم الوظيفي، ابتداء بكبار المسئولين وصولا إلي رئيس الوزراء ذاته.. كلها أصبحت خالية مما كان محيطا بها من أبهة وجاه وهيلمان،...، ويكفي للدلالة علي ذلك النظر لما كان يفعله رئيس الوزراء محلب من جهد وعمل متواصل ليلا ونهارا دون هوادة أو راحة، لندرك ما عاناه من تعب وإرهاق. وأحسب علينا في ظل ذلك الذي نراه ماثلا امام أعيننا أن ندرك بوضوح، ان هذه المناصب أصبحت خالية من البريق، وخالية ايضا من الدسم الذي كان لسنوات طويلة خلت جاذبا لكل المتطلعين للمنصب علي غير استحقاق أو كفاءة، أملا أو طمعا في الاستحواذ عن طريقه علي فوائد أو مزايا. وأضيف إلي ذلك أن الواقع يؤكد لنا جميعا أن المنصب الوزاري أصبح بالفعل هذه الايام عبئا ثقيلا لمن يقبل به ويتحمل تبعاته،...، ولكن علينا أن ندرك في ذات الوقت أنه شرف لمن يقوم به، شريطة أن يؤدي مسئولياته بأمانة، وأن يكون علي قدر ثقة الشعب والدولة فيه،..، خادما للوطن بكل الكفاءة والنزاهة ونظافة اليد. من الواضح اننا نشهد الآن بداية النهاية لشخصية عبده مشتاق التي تندرنا بها طويلا في الماضي.