لغط كبير ظهر مؤخرا بجامعة طنطا حول برنامج تعليم الطلاب الماليزيين الملتحقين بالجامعة وبالتحديد في كلية الطب والذي يزيد عددهم الآن عن 700 طالب وطالبة للحصول علي بكالوريوس الطب من الجامعة. اللغط جاء من خلال اتهام عدد من أعضاء هيئة التدريس بالكلية للجامعة بأنهم يميزون الطلاب الماليزيين عن بقية الطلاب المصريين بالكلية بل وعن جميع الطلاب الوافدين بها لدرجة أنه يتم عقد امتحانات خاصة لهم بالمخالفة بخلاف الامتحانات الموحدة التي يتم عقدها لجميع طلاب الكلية مصريين ووافدين مع أن المنهج الذي يتم تدريسه بالكلية واحد للجميع. وحتي تتضح الحقيقة قررت صفحة هنا الجامعة أن تواجه الجميع سواء من يتهمون الجامعة بارتكاب خطأ كبير في تنفيذ هذا البرنامج بتمييزهم للطلاب الماليزيين عن بقية طلاب الكلية خاصة وأنهم يحصلون علي مكافآت كبيرة مقابل إشرافهم علي هذا البرنامج الذي أصبح يدر علي الجامعة مايزيد عن 30 مليون جنيه سنويا وعلي الجانب الآخر المسئولون بالجامعة لنعرف ردهم حتي لانترك هذه الاتهامات دون تدقيق، ونكشف المستور في هذه القضية إذا كانت هذه الاتهامات غير صحيحة وحتي لانشوه برنامجا يؤكد شكله العام أنه برنامج ناجح. في البداية كان الحديث مع د. محمد نبيه الغريب أستاذ التوليد وأمراض النساء بكلية الطب بجامعة طنطا والذي يقود فريق المتهمين للجامعة في هذا البرنامج ويقول أنه منذ قرابة ست سنوات تم عقد اتفاقية بين جامعة طنطا ممثلة في كلية الطب وبين وزارة التعليم في دولة ماليزيا تقبل بموجبها جامعة طنطا عددا من الطلاب الماليزيين الحاصلين علي ما يعادل شهادة الثانوية العامة المصرية للالتحاق بكلية الطب والحصول علي درجة البكالوريوس في الطب والجراحة نظير مقابل مالي متفق عليه يتحمله الطرف الماليزي وتقدر مصاريف الطالب الواحد بثمانية آلاف دولار سنويا، ولذلك فان هذه الاتفاقية تحقق الآن دخلا سنويا يقدر بحوالي ستة ملايين دولار لكن وللأسف الشديد فان كلية الطب لاتحصل إلا علي 45٪ منها فقط مقسمة إلي 35٪ مكافآت وأجور و 10٪ خدمات للطلبة مثل اعطائهم الكتب وتحصل الجامعة علي الباقي ويقدر بحوالي 55٪. تفضيل للأجانب ويضيف أنه مما لاشك فيه أن هذه الاتفاقية حققت دخلا جيدا لكلية الطب وللجامعة وللقيادات الجامعية والاداريين ولأعضاء هيئة التدريس وصارت من أهم الموارد الذاتية للكلية وقياداتها! لكن الممارسة الفعلية والتطبيق العملي للمشروع وعلي مدي السنوات الماضية أظهرت عيوبا عديدة لايمكن السكوت عليها والاستمرار فيها وخاصة بعد قيام ثورة الشباب في 25 يناير لأن ادارة الكلية تتعامل مع الطلاب الماليزيين بأساليب تتسم بالتمييز ليس فقط بينهم وبين الطلاب المصريين الذين هم أبناء الوطن وأصحاب الحقوق فيه بل أيضا عن باقي الطلاب الوافدين المنخرطين فعلا وسط الطلاب المصريين! وأعتقد أن هذا الأسلوب مرفوض لأنه يتعارض تماما مع الدستور، بل مع دساتير العالم ومع القانون الدولي، لأنه من المستحيل أن يوجد قانون يتم بمقتضاه عقد اتفاقية يتم بموجبها تفضيل الأجانب علي ابناء الوطن! وهنا أود الإشارة بأن هذه الاتفاقية بين الجامعة وماليزيا لم تعرض علي البرلمان حتي تكون موادها بمثابة قانون ! ويشير د. محمد نبيه الغريب أن أهم أمثلة هذا التمييز أن الطلاب الماليزيين وعلي الرغم من أنه لايوجد لهم برنامج تعليمي مختلف إلا أن لهم جدول دراسي يختلف عن الطلاب المصريين وعن باقي المعارين بما فيهم بعض الماليزيين !، ويتلقون الدروس النظرية والعملية لوحدهم في أماكن متميزة ومكيفة غير الطلاب المصريين ! ولهم امتحان وممتحنون غير نظرائهم من الطلاب المصريين أوباقي الطلاب الوافدين!! فهل من المنطق أو من العدل أن يحدث هذا منذ سنوات وعلي أرض مصر وفي غياب قوانين تسمح بحدوثه وفي وجود أجهزة توصف بالرقابية يفوق عددها كل التوقعات! امتحانات مختلفة ويتساءل د. الغريب : كيف سمحت الدولة وإدارة الجامعة بذلك خاصة أنه يوجد العديد من أبناء هذا الوطن قادرين علي أن يدفعوا أضعاف ما يدفعه الطالب الماليزي وبدون المطالبة بأي تمييز لذا لم تعد القضية مسألة موارد بل صارت معركة كرامة. ويري د. الغريب أن النقطة الرئيسية في موضوع الطلاب الماليزيين هو أن لكلية الطب برنامجا تعليميا (أكاديمي) واحد ينتهي بمنح الخريج بكالويوس في الطب والجراحة لكن علي النقيض هناك كليات مثل الهندسة والعلوم والآداب لها أكثر من برنامج في الدرجة التعليمية الأولي (البكالويوس أو الليسانس) فمثلا بكالويوس علوم قسم الكيمياء فيه عدة شعب كل شعبة لها برنامج تعليمي مثل شعبة الكيمياء العضوية والكيمياء غير العضوية.... إلخ أما في كلية الطب فالبرنامج واحد ومن ثم لايجوز إطلاقا اجراء أكثر من امتحان واحد لطلاب الدور الواحد لذات البرنامج ومخالفة ذلك لاتجوز من منطلق مبدأ المساواة. ويضيف د.الغريب أن ادارة الكلية ترفض اندماج طلاب مشروع ماليزيا وسط باقي الطلاب - المصريين والمعارين لأنها أنشأت مجلس ادارة للمشروع ومنسقا ولجانا وطبعا كل خطوة يتم صرف مقابل لها، كما أن اجتماع اللجنة له بدل حضور في الجلسة الواحدة 150 جنيها، ومجلس إدارة المشروع له مكافأة، والمنسق له راتب وكذلك عميد الكلية أما نواب رئيس الجامعة ورئيس الجامعة فلهم أيضا مكافآت (عدة آلاف من الجنيهات سنويا) كما يتم صرف مكافآت لمن يقوم باعطاء المحاضرات من أعضاء هيئة التدريس- وهنا يدخل الموضوع في عملية اختيارات ومجاملات - أما لو تم إدماج الطلاب الماليزيين مع باقي الطلاب فسيتم الصرف للجميع ويبدو أن هذا المبدأ مرفوض عند إدارة الكلية والجامعة ! وفي النهاية يقول أنه لايعارض مبدأ صرف مكافآت للمستحقين نظير عمل وعلي قدر جهدهم لكنه يعارض وبشدة مبدأ تفضيل الأجنبي علي المصري تحت أي مبرر. اتهامات غير صحيحة واجهنا د. عبدالحكيم عبد الخالق رئيس جامعة طنطا بكل هذه الاتهامات فنفاها تماما لأنه لاأساس لها ومن يطلقها يلوي الحقائق الخاصة بها بهدف تشويه صورة أحد البرامج الناجحة جدا ليس في جامعة طنطا فقط بل في كثير من الجامعات المصرية الأخري، لأن تعليم الطلاب الماليزيين في جامعة طنطا تم بناء علي اتفاقية مع الجامعة من خلال الاتفاقية العامة للدولة في هذا الشأن مع ماليزيا لتعليم الطلاب الماليزيين بالجامعات المصرية وبرنامجنا من داخل هذه الاتفاقية ويتم قبول الطلاب الماليزيين بجامعة طنطا من خلال إدارة الوافدين بوزارة التعليم العالي والسفارة الماليزية بالقاهرة ويدرس الطلاب الماليزيون نفس المواد التي يدرسها الطلاب المصريون بكلية الطب لكن لهم برنامج خاص بهم بلائحة منفصلة عن لائحة الكلية لكن اللائحة التعليمية واحدة لكن الحكاية كلها تتخلص في أن هناك أمراضا منتشرة في ماليزيا لاتوجد عندنا في مصر ولاندرسها لطلابنا فنقوم بإعداد نسبة قليلة جدا لبعض المقررات للأمراض المتوطنة هناك في ماليزيا طلاب هذه الدولة ولاتوجد عندنا لذا نقوم بتدريسها لهم وبالتالي يتم امتحانهم فيها بشكل منفصل لأنها غير مقررة علي الطلاب المصريين، وهذا مانفعله أيضا مع طلاب الدول الإفريقية عندما ندرس لهم مادة طب المناطق الحارة وأمراضها ومن الطبيعي أن يكون لهم امتحان خاص بهم في هذه المادة فقط أما بقية الدراسة والأساتذة والجداول الدراسية والامتحانات في نهاية العام تكون كلها واحدة بين جميع الطلاب المصريين والوافدين بمن فيهم الطلاب المايزيون ماعدا مادة أو مادتين خاصتين بطلاب ماليزيا أو بطلاب إفريقيا بناء علي مادرسوه في هذه المواد ولم يدرسه الطلاب المصريون. جديتنا سر تفوقنا ويتفق د. محسن مقشط نائب رئيس جامعة طنطا لشئون التعليم والطلاب وعميد كلية الطب السابق تماما مع ماذكره رئيس الجامعة ويضيف أن طبيعة الأمراض المتوطنة في ماليزيا وليست موجودة عندنا ولاندرسها للطلاب المصريين أو بقية الطلاب الوافدين تستلزم تعديل المحتوي العلمي لهذه المادة والدليل علي ذلك نحن نقوم بتدريس علم الطفيليات لطلاب الفرقة الثالثة بكلية الطب لجميع الطلاب لكن ماندرسه للطلاب المصريين في علم الطفيليات يختلف عن الطفيليات التي ندرسها للطلاب الماليزيين لأن نوعية الطفيليات الموجودة في ماليزيا ليست هي الموجودة في مصر مع أن مسمي المادة واحد " علم الطفيليات " فهل ندرس لطلاب أندونسيا أو لطلاب الدول الإفريقية ذات المناطق الحارة نفس المحتوي العلمي للمادة كما ندرسه للطلاب المصريين مع أن الطفيليات الموجودة في هذه الدول لاتوجد عندنا وماهو موجود عندنا لايوجد في هذه الدول. ويؤكد د. مقشط عميد طب طنطا السابق أن نسبة مايدرس من مقررات علمية مختلفة بكلية طب طنطا سواء للطلاب الماليزيين أو لطلاب الدول الإفريقية بالنسبة لطب المناطق الحارة لايزيد علي 10٪ فقط من إجمالي مايدرسه الجميع بالتساوي مصريين وعربا وماليزيين وأفارقة وغيرهم وماندرسه لهؤلاء الطلاب الوافدين بما يتفق وطبيعة الأمراض الموجودة عندهم فقط هو الصحيح والمنطقي ولو لم نفعل ذلك نكون مخطئين في حق هؤلاء الطلاب وهذا هو سر نجاح هذه البرامج مع الطلاب الوافدين وفي مقدمتها طلاب ماليزيا ونحن نطبق هذه البرامج بكل دقة وبأعلي مستوي من الحرفية العلمية ولانتساهل مع أحد في العملية التعليمية أيا كانت جنسيته فالجميع أمامنا سواء ويكون المعيار الوحيد عندنا هو النجاح في استيعاب المناهج التي يتم تدرسيها والدليل علي ذلك أن برنامج تعليم الطلاب الماليزيين بدأ بثلاثين طالبا وطالبة منذ ست سنوات لم يصل منهم لمرحلة البكالوريوس هذا العام سوي 18 طالباً وطالبة فقط ولولا نجاحنا في تطبيق هذا البرنامج مازاد عدد الطلاب الماليزيين بكلية طب طنطا ليصل الآن إلي 727 طالبا وطالبة.