إذا ما اردنا مثالا حيا علي غيبة الضمير الانساني في العالم كله علي وجه العموم، وغياب الضمير العربي والإسلامي علي وجه الخصوص، فعلينا أن نلقي ولو نظرة عابرة وسريعة علي صورة الطفل السوري «ايلان كردي» الذي لم يتجاوز الثلاث سنوات، وهو ملقي علي وجهه علي شاطئ البحر، بعد أن فارق الحياة غرقا علي جزيرة «بودروم» التركية، خلال محاولته اللجوء إلي اوروبا هربا من جحيم الحرب المشتعلة في وطنه سوريا. مأساة الطفل السوري الذي انغرس وجهه في رمال الشاطئ، بعد أن قذفت به أمواج البحر جثة هامدة كما ظهر في صورته التي تناقلتها كل وكالات الأنباء في العالم كله، ستظل شاهد حق وصدق علي غلظة العالم وقسوته، بعد اختفاء مشاعر الرحمة والتعاطف الانساني من قلوب ونفوس أهله وسكانه. وستظل هذه المأساة وتلك الصورة وصمة عار في جبين الانسانية كلها، والجبين العربي والإسلامي بصفة خاصة، نظرا لحالة التبلد الشديدة التي انتابت مشاعرهم تجاه ما يجري من مذابح دامية وجرائم بشعة في سوريا، دون أن يتحركوا لوقفها أو وضع حد لها. وإذا كنا نلوم القوي العظمي وبعض القوي الاقليمية المتحالفة معها، ونحملهم المسئولية فيما حدث ويحدث في سوريا، وما وصلت إليه الأمور من تدهور مأساوي هناك، فإن الموضوعية والمصداقية تفرضان علينا تحميل الرئيس بشار مسئولية الانزلاق إلي فخ الاقتتال الداخلي الذي نصبوه له،...، والموضوعية والمصداقية تفرضان أيضا عدم تجاهل مسئولية بعض الأطراف العربية عما حدث، والدور الذي قامت به هذه الاطراف لتأجيج الصراع الداخلي في سوريا، وصولا إلي المأساة الحالية. وأحسب أن التاريخ لن يغفر لهذه القوي العظمي والمتآمرين والمتحالفين معها تلك الجريمة وما سبقها وما تلاها من جرائم في العراق وليبيا واليمن وغيرها،...، كما لن يغفر أيضا تورط بعض الدول العربية فيما جري وما يجري بالمشاركة أو بالصمت وغياب الضمير وعدم التحرك الجاد والصادق لانقاذ السوريين من الموت في المذابح الجارية هناك، أو غرقا وهم يحاولون الفرار من جحيم الحرب.