اسم اللوحة: نارسيس الفنان: كارافاجيو تاريخ رسمها: 1599 المدرسة الفنية : عصر النهضة الإيطالية " نارسيس " يحكي عن غرور عشق الذات القاتل.. و"نارسيس" كما في الأسطورة اليونانية هو لفتي جميل الهيئة حكمت عليه الآلهة اليونانية أن يعشق صورته المنعكسة فوق صفحة الماء وحين رأي صورة وجهه منعكسة علي وجه الماء عشقها ولم يمل من تأملها في الماء الصافي وظل ينظر اليها إلي أن ذبل جسده وتحول لزهرة النرجس ومنها جاء المصطلح في علم النفس "النرجسية" تعبيراً عن الحالة المرضية التي ينصرف فيها الإنسان إلي الاهتمام بنفسه وعشق ذاته.. ونارجس أو نارسيس اختلط فيها الفن.. بالأسطورة.. بالفلسفة.. لتكشف عن قدر الانهماك في الذات وعجز التواصل والتوصيل.. وهو نمط سمات وسلوك السعي القاسي الأناني لإرضاء السيطرة والطموح دون كل الآخرين.. أجمل عمل فني يصور نارسيس هو للفنان الإيطالي "كارافاجيو" ليرسم رائعته هذه عام 1599 لنجد في اللوحة بطلين في حالة تفاعل ويؤثر كل منهما في الآخر وهما نارسيس وماء البحيرة.. والماء هنا قوة جاذبة، كالنداهة، ورد فعل غير قصدي لفعل الإنسان بانشغاله بذاته.. وفي نفس الوقت الماء هنا عامل مرضي بالنسبة للفتي الناظر اليه بينما يظل الماء سطحا ساكنا لما انعكس فوق سطحه من صور بل قد يصبح بدوره - الماء نفسه - متأملا لذلك الوجه المطل عليه.. حتي يبدو أن كلا منهما يتأمل الآخر.. فالفتي يتأمل وجهه في الماء.. والماء يتأمل سطحه المنعكس في عين الوجه المطل عليه.. كلاهما يتأمل الآخر في سكينة كأن هناك اتفاقا مسبقا.. فدائماً علاقات الحياة تبادلية. لوحة نارسيس أو أسطورته فيها لمحة عكسية مما قاله الأديب الألماني هيرمان هيسه في روايته "روسهالده" علي لسان بطله : " لم تركتني أمعن في الغرق بحيث اضطررت إلي أن أستجدي قليلاً من الانغماس الذاتي".. وحين سألت حوريات الغابات ، في قصة أوسكار وايلد ، البحيرة : لماذا تبكي ؟.. ردت عليهن البحيرة قائلة: "إني أبكي علي نرجس.. غير إني لم أنتبه قط إلي أن نرجس كان جميلاً.. وأنا أبكي علي نرجس لأنه في كل مرة كان ينحني فوق ضفتي كنت أستطيع أن أري في عمق عينيه طيف جمالي.. " أسلم " نارسيس" نفسه للعشق الذاتي حباً في الحياة فقاده إلي الفناء.. وما بين تقابل نقيضي الحياة والموت نجد معالجة كارافاجيو بالتناقض البصري وربما الكاشف عن التناقض النفسي في ألوان لوحته وظلالها الحادة بين الضوء والظل والمضئ والمعتم.. إلا أن فنان عصر النهضة الإيطالية استطاع أن يجعل موت "نارسيس" في لوحته جميلاً براقاً كما كان إعجاب "نارسيس " الدائم برؤية وجهه جميلاً ساحراً..